قال بِشْرٌ الْحَافِي: إنْ لَمْ تَعْمَلْ بِالطَّاعَةِ فَلا تَعْصِ . وقال: علَى قَدْرِ إِعْزَازِ الْمُؤْمِنِ لأَمْرِ اللهِ يُلْبِسُهُ اللهُ مِن عِزِّهِ ويُقِيمُ له الْعِزَّ في قُلوبِ المؤمنينَ، فَذَلِكَ قَوْلُه تَعالَى ( وَلِلَّهِ العِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ ) قال سفيان الثوري: إِنَّما الْعِلْمُ عندَنا الرُّخَصُ عَنِ الثِّقَةِ، فأَمَّا التَّشْدِيدُ فَكُلُّ إنسانٍ يُحْسِنُهُ ! صَعَدَ سفيانُ الثوريُّ يُؤَذِّنُ الْعَصْرَ وتَرَكَ نَعْلَيْهِ في الْمِحْرَابِ، فَلَمَّا صَعَدَ رَأَى ابْنَ عَمٍّ له قَدْ أَخَذَ نَعْلَيْهِ، فَلَمَّا صَلَّى أَرْسَلَ إليه بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ ! وقال: رَحِمَ اللهُ رَجُلاً لَمْ يَغُرّهُ كَثْرَةُ ما يَرى مِن كَثْرَةِ الناسِ، ابْنَ آدَمَ، إِنَّكَ تَموتُ وَحْدَكَ، وتَدْخُلُ الْقَبْرَ وحدَك،وتُبعثُ وحدَك، وتُحاسَبُ وحدَك، ابْنَ آدَمَ، وأنتَ الْمَعْنِيُّ وإِيَّاكَ يُرَادُ. عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ تَعالَى عنه قال: لَأَنْ أَعُولَ أَهْلَ بَيْتٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ شَهْرًا أو جُمُعَةً أو ما شاءَ اللهُ أَحَبَّ إليَّ مِنْ حَجَّةٍ بَعْدَ حَجَّةٍ . سُئِلَ ذُو النُّونِ: ما لنا لا نَقْوَى علَى النَّوافِلِ ؟ قال: لأَنَّكُم لا تُصِحُّونَ الْفَرائِضَ . قِيلَ لِحَاتِمٍ الأَصَمِّ: عَلامَ بَنَيْتَ عِلْمَكَ ؟ قال: علَى أَرْبَعٍ: علَى فَرْضٍ لا يُؤَدِّيهِ غَيْرِي فأَنا به مَشْغُولٌ، وعَلِمْتُ أنَّ رِزْقِي لا يُجَاوِزُنِي إلى غَيْرِي فَقَدْ وَثِقْتُ به، وعَلِمْتُ أَنِّي لا أَخْلُو مِن عَيْنِ اللهِ طَرْفَةَ عَيْنٍ فأَنا منه مُسْتَحٍ، وعَلِمْتُ أنَّ لي أَجَلاً يُبَادِرُنِي فَأُبَادِرُهُ. عن وَكِيعِ بْنِ الْجَرَّاحِ أَنَّهُ كان يَبْتَدِئُ قَبْلَ أنْ يُحَدِّثَ فَيَقُولُ : ما هناكَ إِلاَّ عَفْوُهُ ، ولا نَعِيشُ إِلاَّ في سِتْرِهِ ، ولو كُشِفَ الْغِطَاءُ انْكَشَفَ عَنْ أَمْرٍ عَظِيمٍ . عن حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ قال: قال لنا أَيُّوبُ: إِنَّكَ لا تُبْصِرُ خَطَأَ مُعَلِّمِكَ حتَّى تُجَالِسَ غَيْرَه، جالِسِ النَّاسَ . قال الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ : بابٌ واحدٌ أَتَعَلَّمُه مِنَ الْعِلْمِ أَحَبُّ إليَّ مِنَ الدنيا وما فيها . وقال: الْحِكْمَةُ تَنْزِلُ مِنَ السَّماءِ فَلا تَسْكُنُ قَلْبًا فيه أَرْبَعَةٌ : الرُّكُونُ إلى الدُّنيا، وهَمُّ غَدٍ، وحُبُّ الْفُضُولِ ، وحَسَدُ أَخٍ . قال ابنُ شِهَابٍ الزُّهْرِيُّ: الْعِلمُ خَزائنُ وتَفْتَحُهَا المسائلُ قال أبو سعيدٍ الْخَزَّازُ : كلُّ ما فاتَكَ مِنَ اللهِ سِوَى اللهِ يَسِيرٌ، وكلُّ حَظٍّ لك سِوَى اللهِ قليلٌ . وقال يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ: لا تَسْتَبْطِئِ الإِجَابَةَ وقَدْ سَدَدْتَ طُرُقَاتِهَا بِالذُّنُوبِ . سُئِلَ الْجُنَيْدُ بْنُ محمدٍ عنْ حَقِيقةِ الشُّكْرِ فقال : أَلاَّ يُسْتَعانَ بِشَيْءٍ مِن نِعَمِهِ علَى مَعاصِيه . قال حَبِيبٌ: لا تَقْعُدُوا فُرَّاغًا فإِنَّ الْمَوْتَ يَلِيكُمْ. قال أبو حازم: مَنْ عَرَفَ الدُّنيا لَمْ يَفْرَحْ فيها بِرَخَاءٍ ولَمْ يَحْزَنْ علَى بَلْوَى . قال حاتمٌ الأصم : أََجِّلْ أربعةََ أشياءَ إلى أَرْبَعَةِ مَوَاضِعَ وخُذِ الْجَنَّةَ: النَّوْمَ إلى الْقَبْرِ، وَالرَّاحَةَ إلى الصِّرَاطِ، وَالْفَخْرَ إلى الْمِيزَانِ ، وَالشَّهَوَاتِ إلى الْجَنَّةِ . سُئِلَ ابْنُ عُمَرَ: هَلْ كانَ أَصْحَابُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يَضْحَكُونَ ؟ قال: نَعَمْ، والإيمانُ في قُلُوبِهم أَعْظَمُ مِنَ الْجِبَالِ . قال الشافعي: طَلَبُ العلمِ أَفْضَلُ مِن صَلاةِ النَّافلةِ . قال رجلٌ لِلْحَسَنِ : يا أبا سَعِيدٍ: الرَّجُلُ يُذْنِبُ ثُمَّ يَتُوبُ، ثمَّ يُذْنِبُ ثم يَتُوبُ، حَتَّى مَتى؟ قال: ما أَعْلَمُ هذا إِلاَّ أَخْلاَقَ الْمُؤْمِنِينَ . وقال : لا تَجِيءُ الْوَسَاوِسُ إِلاَّ إلى كُلِّ قَلْبٍ عامِرٍ ، رَأَيْتَ لِصًّا يَأْتِي الْخَرَابَةَ يَنْقِبُهَا وهُوَ يَدْخُلُ مِنْ أَيِّ الأَبْوَابِ شَاءَ ؟ إِنَّما يَجِيءُ إلى بَيْتٍ فيهِ رِزَمٌ وقد أُقْفِلَ ، يَنْقِبُهُ لِيَسْتَلَّ الرِّزْمَةَ . قال حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ: ما أَتَيْنَا سليمانَ التَّيْمِيَّ في ساعَةٍ يُطَاعُ اللهُ عَزَّ وجَلَّ فيها إِلاَّ وَجَدْنَاهُ مُطِيعًا؛ إِنْ كانَ في ساعَةِ صَلاةٍ وَجَدْنَاهُ مُصَلِّيًا، وإنْ لَمْ تَكُنْ ساعةَ صَلاةٍ وَجَدْنَاهُ إِمَّا مُتَوَضِّئًا أو عَائِدًا مَرِيضًا أو مُشَيِّعًا لِجِنَازَةٍ أو قاعِدًا في الْمَسْجِدِ. فَكُنَّا نَرَى أنَّه لا يُحْسِنُ يَعْصِي اللهَ عَزَّ وجَلَّ ! كانَ جَابِرُ بْنُ زَيْدٍ لا يُمَاكِسُ في كُلِّ شَيْءٍ يَتَقَرَّبُ به إلى اللهِ عَزَّ وجَلَّ ،فكان لا يُمَاكِسُ في ثَلاثٍ: في الأُجْرَةِ إلى مَكَّةَ، وفي الرَّقَبَةِ يَشْتَرِيها لِلْعِتْقِ ، وفي الأُضْحِيَّةِ . قِيلَ لِسُفْيَانَ : ما تَرَى فِيمَنْ كَسَبَ ثَلاثينَ أَلْفَ دِرْهَمٍ مِن غَيْرِ حَقِّهَا وقال: أَقْعُدُ أُسَبِّحُ وأَحْمَدُ وأُكَبِّرُ حتَّى أَعْمَلَ مِنَ الْحَسناتِ بِعَدَدِ هذه ؟ فقال سفيانُ: فَلْيَرُدَّها قَبْلُ ؛ فإِنَّهُ لا يُقْبَلُ له ذِكْرٌ إِلاَّ بِرَدِّهَا . عن محمدِ بْنِ سِيرِينَ قال: إِنَّ هَذاالْعِلْمَ دِينٌ، فَانْظُرُوا عَمَّنْ تَأْخُذُونَهُ . قال ابنُ شِهَابٍ الزُّهْرِيُّ: كُنَّا نأتي العالِمَ، فَما نتعلمُ منْ أَدَبهِ أَحَبُّ إلينا مِن علمه . قال أبو حَبِيبٍ الْبَدَوِيُّ لِسُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ: مَنْعُ اللهِ عَطاءٌ، وذلك أَنَّه لا يَمْنَعُ مِن بُخْلٍ ولا عُدْمٍ ، إِنَّما مَنْعُهُ نَظَرٌ وَاخْتِبَارٌ . قال مالكُ بنُ دِينَارٍ: رأيتُ مُسْلِمَ بْنَ يَسَارٍ في مَنامِي بعدَ مَوْتِه بِسَنَةٍ، فَسَلَّمْتُ عليه فَلَمْ يَرُدّ عَليَّ السَّلامَ، فقلتُ: لِمَ لا تَرُدّ عليَّ السَّلامَ؟ قال: أنا مَيِّتٌ فَكَيْفَ أَرُدُّ السَّلامَ، فقلتُ: ماذا لَقِيتَ يَوْم الْمَوْتِ ؟ قال: قد لَقِيتُ أَهْوَالاً وزَلاَزِلَ عِظَامًا شِدَادًا، قلتُ: وماذا كانَ بَعْدَ ذلكَ؟ قال: وما تُرَاهُ يكونُ مِنَ الْكَرِيمِ! قَبِلَ مِنَّا الْحَسَناتِ، وعَفا لنا عَنِ السَّيِّئَاتِ، وضَمِنَ عَنَّا التَّبِعَاتِ . قال ذُو النُّونِ: ما طابَتِ الدُّنيا إِلاَّ بِذِكْرِهِ، ولا طابَتِ الآخرةُ إِلاَّ بِعَفْوِهِ، ولا طابتِ الْجِنَانُ إلاَّ بِرُؤْيَتِه . عنْ جابِرٍ قالَ: قال لي محمدُ بْنُ عَلِيٍّ الْبَاقِرُ : يا جابِرُ بَلَغَنِي أنَّ قَوْمًا بِالْعِرَاقِ يَزْعُمُونَ أَنَّهم يُحِبُّونَنَا وَيَنَالُونَ أبا بَكْرٍ وعُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا ، ويَزْعُمُونَ أَنِّي أَمَرْتُهُمْ بِذَلِكَ، فَأَبْلِغْهُمْ أَنِّي إلى اللهِ مِنْهُمْ بَرِيءٌ. وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَوْ وُلِّيتُ لَتَقَرَّبْتُ إلى اللهِ تَعالَى بِدِمَائِهِم ، لا نَالَتْنِي شَفاعَةُ محمدٍإِنْ لَمْ أَكُنْ أَسْتَغْفِرُ لهما وأَتَرَحَّمُ عَليهِمَا ، إنَّ أَعْدَاءَ اللهِ لَغَافِلُونَ عنهما ، ومَنْ لَمْ يَعْرِفْ فَضْلَ أبي بَكْرٍ وعُمَرَ رَضِيَ الله عنهما فَقَدْ جَهِلَ السُّنَّةَ . وقال وكيع: مَنْ تَهَاوَنَ بِالتَّكْبِيرَةِ الأُولَى فَاغْسِلْ يَدَيْكَ منه ! قال الْفُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ: لَمْ يُدْرِكْ عِندَنا مَن أَدْرَكَ بِكَثْرَةِ صِيَامٍ ولا صَلاةٍ ، وإِنَّما أَدْرَكَ عِنْدَنا مَنْ أَدْرَكَ بِسَخَاءِ الأَنْفُسِ وسَلامَةِ الصُّدُورِ وَالنُّصْحِ لِلأُمَّةِ. كان عمرُ يقولُ: أَحْسِنْ بِصَاحِبِكَ الظَّنَّ حتى يَغْلِبَكَ، وإذا سَمِعْتَ كَلِمَةً مِن امْرِئٍ مُسْلِمٍٍ فلا تَحْمِلْهَا علَى شَيْءٍ مِنَ الشَّرِّ ما وَجَدْتَ لها مَحْمَلاً مِنَ الْخَيْرِ . عنْ حَيْلاَنَ بْنِ فَرْوَةَ أنَّ مُوسَى عليه السَّلامُ قال: إِلَهِي كيفَ أَشْكُرُكَ، وأَصْغَرُ نِعْمَةٍ وَضَعْتَها عِنْدِي مِن نِعَمِكَ لا يُجَازِي ِبَها عَمَلِي كُلُّه ؟ فَأَوْحَى اللهُ إليه: يا مُوسَى، الآنَ شَكَرْتَنِي ! قال سفيانُ بْنُ عُيَيْنَةَ: أَوْحَى اللهُ تعالى إلى مُوسَى عليهِ السَّلامُ : إنَّ أَوَّلَ مَن ماتَ إِبْلِيسُ، وذلك أَنَّهُ أَوَّلُ مَن عَصانِي، وأَنا أَعُدُّ مَن عَصانِي مِنَ الْمَوْتَى ! كان عمرُبن عبد العزيز يَخْطُبُ الناسَ فَيقُولُ: أَيُّهَا الناسُ، مَنْ أَلَمَّ بِذَنْبٍ فَلْيَسْتَغْفِرِ اللهَ وَلْيَتُبْ، فإنْ عادَ فَلْيَسْتَغْفِرْ وَلْيَتُبْ، فإنْ عادَ فَلْيَسْتَغْفِرْ ولْيَتُبْ، فَإِنَّما هي خَطايَا مُطَوَّقَةٌ في أَعْنَاقِ الرِّجَالِ، وإنَّ الْهَلاكَ كُلَّ الْهَلاكِ الإِصْرَارُ عليها . وقال سفيان الثوري : ما ضَرَّهُمْ ما أَصَابَهُمْ في الدُّنْيَا، جَبَرَ اللهُ لهم كُلََّ مُصِيبَةٍ بِالْجَنَّةِ . ذُكِرَ عِنْدَ الإمامِ أَحْمَدَ يَوْمًا رَجُلٌ ، فقالَ : يا بُنَيَّ الْفَائِزُ مَن فازَ غَدًا ولَمْ يَكُنْ لِأَحَدٍ عندَه تَبِعَةٌ . كان الرَّبِيعُ بعدَما أصابَه الْمَرَضُ يُهَادَى بينَ رَجُلَيْنِ إلى مَسْجِدِ قَوْمِه ، وكان النَّاسُ يقولون له: يا أبا يَزِيدَ، لَقَدْ رَخَّصَ اللهُ لك لو صَلَّيْتَ في بَيْتِكَ ، فيقولُ: إنَّه كَما تَقُولُونَ ولَكِنِّي سَمِعْتُهُ يُنَادِي : حَيَّ علَى الْفَلاحِ ، فَمَنْسَمِعَ مِنْكُمْ يُنَادَى : حَيَّ على الْفَلاحِ فَلْيُجِبْهُ ولَوْ زَحْفًا ، ولو حَبْوًا. كانَ ابْنُ عَيَّاشٍ الْمَنْتُوفُ يَقَعُ في عُمَرَ بْنِ ذَرٍّ ويَشْتُمُهُ، فَلَقِيَهُ عُمَرُ فقال: يا هذا لا تُفْرِطْ في شَتْمِنَا وأَبْقِ لِلصُّلْحِ مَوْضِعًا، فَإِنَّا لا نُكَافِئُ مَنْ عَصَى اللهَ فِينَا بِأَكْثَرَ مِنْ أنْ نُطِيعَ اللهَ فيه . سَأَلَ رَجُلٌ مالِكًا عن مَسْأَلَةِ فقال: لا أُحْسِنُهَا، فقال الرجلُ : لقد جِئْتُ إليكَ مِن سَفَرٍ بَعِيدٍ لأَسْأَلَكَ عنها، فقال له مالكٌ : فإذا رَجَعْتَ إلى مَكانِكَ ومَوْضِعِكَ فَأَخْبِرْهُمْ أَنِّي قد قُلْتُ لكَ إِنِّي لا أُحْسِنُهَا ! قال ضِرَارٌ : يقول إِبْلِيسُ: إِذَا اسْتَمْكَنْتُ مِن ابْنِ آدَمَ ثَلاثًا أَصَبْتُ منه حَاجَتِي: إذا نَسِيَ ذُنُوبَهُ، وإذا اسْتَكْثَرَ عَمَلَهُ ، وإذا أُعْجِبَ بِرَأْيِه . قال سفيانُ الثوريُّ: حُرِمْتُ قِيَامَ اللَّيْلِ بِذَنْبٍ أَحْدَثْتُهُ خَمْسَةَ أَشْهُرٍ . عن زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ قال: يُقَالُ مَنِ اتَّقَى اللهَ أَحَبَّهُ الناسُ وإِنْ كَرِهُوا . قال عليُّ بْنُ أبي طَالِبٍ : لا خَيْرَ في عِبَادَةٍ لا عِلْمَ فيها، ولا خَيْرَ في عِلْمٍ لا فَهْمَ فيه، ولا خَيْرَ في قراءةٍ لا تَدَبُّرَ فيها . وقالَ: لَيْسَ سَاعَةٌ مِن ساعاتِ الدُّنيا إِلاَّ وَهِيَ مَعْرُوضَةٌ علَى الْعَبْدِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَوْمًا فَيَوْمًا وسَاعةً فَساعةً، ولا تَمُرُّ به ساعةٌ لَمْ يَذْكُرِ اللهَ تَعالَى فيها إِلاَّ تَقَطَّعَتْ نَفْسُه عليها حَسَرَاتٍ، فَكَيْفَ إذا مَرَّتْ به ساعةٌ معَ ساعةٍ ويومٌ معَ يومٍ ولَيْلَةٌ مَعَ لَيْلَةٍ ؟‍‍! قال أبو الدرداء: مُعَاتَبَةُ الأَخِ خَيْرٌ لكَ مِن فَقْدِهِ، ومَنْ لكَ بِأَخِيكَ كُلِّه، أَعْطِ أخاكَ ولِنْ له، ولا تُطِعْ فيه حاسِدًا فَتَكُونَ مِثْلَهُ، إذًا يَأْتِيكَ الْمَوْتُ فَيَكْفِيكَ فَقْدُهُ، وكيفَ تَبْكِيهِ بَعْدَ الْمَوْتِ وفي حَياتِه ما قَدْ كُنْتَ تَرَكْْتَ وَصْلَهُ ؟ قال الشافعي: كُلُّ ما قُلْتُ وكان عَنِ النبيِّ صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ خِلاَفُ قَوْلِي مِمَّا يَصِحُّ، فَحَدِيثُ النَّبِيِّ صلَّى الله عليه وسلَّمَ أَوْلَى ولاَ تُقَلِّدُونِي عنْ أبي عَوَانَةَ قال: لو قِيلَ لِمَنْصُورِ بْنِ زَاذَانَ: إِنَّكَ مَيِّتٌ اليومَ أو غَدًا ، ما كان عندَه مِن مَزِيدٍ . قال سفيان: زَيِّنُوا الْعِلْمَ بأنفسِكم ولا تَزَيَّنُوا بِالْعِلْمِ وقال: الْفَاجِرُ الرَّاجِي لِرَحْمَةِ اللهِ أَقْرَبُ إلى اللهِ مِنَ الْعَابِدِ الذي يَرَى أَنَّهُ لا يَنالُ ما عِنْدَ اللهِ إِلاَّ بِعَمَلِهِ . عن أحمدَ بْنَ أَبِي الْحَوَارِيِّ قال: قُلْتُ لأبي سُلَيْمَانَ : إِنَّ فُلاَنًا وفُلاَنًا لا يَقَعَانِ علَى قَلْبِي ، قال: ولا علَى قَلْبِي ، ولَكِنْ لَعَلَّنَا إِنَّما أُتِينَا مِن قَلْبِي وقَلْبِكَ، فَلَيْسَ فِينَا خَيْرٌ ولَيْسَ نُحِبُّ الصَّالِحِينَ . قال أبو إسحاقَ الفزاريُّ: إنَّ مِنَ النَّاسِ مَن يُحِبُّ الثَّناءَ عليه وما يُسَاوِي عندَ اللهِ جَناحَ بَعُوضَةٍ . قال إبراهيمُ بْنُ أَدْهَمَ لِشَقِيقٍ الْبَلْخِيِّ : يا شَقِيقُ، لَمْ يَنْبُلْ عندَنا مَن نَبُلَ بِالْحَجِّ ولا بِالْجِهَادِ، وإِنَّما نَبُلَ عندَنا مَن نَبُلَ مَن كان يَعْقِلُ ما يَدْخُلُ جَوْفَهِ مِن حِلِّهِ . قال حيلان بن فروة : إذا فُتِحَ لِأَحَدِكم بابُ خَيْرٍ فَلْيُسْرِعْ إليه فإِنَّهُ لا يَدْرِي مَتَى يُغْلَقُ عنه . قال السَّرِىُّ: خَفِيَتْ عليَّ عِلَّةٌ ثلاثينَ سَنَةً ، وذلك أنَّا كُنَّا جَماعةً نُبَكِّرُ إلى الْجُمُعَةِ، ولنا أَماكِنُ قد عُرِفَتْ بنا لا نَكادُ أَنْ نَخْلُوَ عنها ، فَماتَ رَجُلٌ مِن جِيرَانِنَا يَوْمَ جُمُعَةٍ، فَأَحْبَبْتُ أَنْ أُشَيِّعَ جِنَازَتَهُ فَشَيَّعْتُهَا وأَضْحَيْتُ عن وَقْتِي ، ثم جِئْتُ أُرِيدُ الْجُمُعَةَ ، فَلَمَّا أنْ قَرُبْتُ مِنَ المسجدِ قالتْ لي نَفْسِي: الآنَ يَرَوْنَكَ وقد أَضْحَيْتَ وتَخَلَّفْتَ عن وَقْتِكَ. فَشَقَّ ذلك عليَّ ، فقلتُ لِنَفْسِي: أَرَاكِ مُرَائِيَةً مُنْذُ ثلاثينَ سَنَةً وأنا لا أَدْرِي . فَتَرَكْتُ ذلكَ المكانَ الذي كُنْتُ آتِيهِ فَجَعَلْتُ أُصَلِّي في أماكنَ مختلفةٍ لِئَلاَّ يُعْرَفَ مكاني هذا . قال حاتمٌ الأَصَمُّ: مَثَلُ الدُّنيا كَمَثَلِ ظِلِّكَ ، إِنْ طَلَبْتَهُ تَبَاعَدَ وإنْ تَرَكْتَهُ تَتَابَعَ . وقال سفيان بْنُعُيَيْنَةَ: مَنْ رَأَى أَنَّه خَيْرٌ مِن غَيْرِهِ فَقَدِ اسْتَكْْبَرَ، وذَاكَ أنَّ إِبْلِيسَ إِنَّما مَنَعَهُ مِنَ السُّجُودِ لآدَمَ عليه السَّلامُ اسْتِكْبَارُهُ . قال إبراهيمُ بنُ أدهمَ: لَمْ يَصْدُقِ اللهََ مَنْ أَحَبَّ الشُّهْرَةَ . عن سعيدِ بنِ جُبَيْرٍ قال: قالتِ الْيَهُودُ لِمُوسَى: أَيَخْلُقُ رَبُّكَ خَلْقًا ثُمَّ يُعَذِّبُهم ؟ فَأَوْحَى اللهُ إليه: يا مُوسَى اِزْرَعْ ، قال: قد زَرَعْتُ ، قالَ: اُحْصُدْ ، قال: قد حَصَدْتُ ، قال: اُدْرُسْ ، قال: قد دَرَسْتُ ، قال: ذَرْ ، قال: قد ذَرَيْتُ ، قال: فَما بَقِيَ ؟ قال: ما بَقِيَ شَيْءٌ فيه خَيْرٌ ، قال: كذلكَ لا أُعَذِّبُ مِن خَلْقِي إِلاَّ مَن لا خَيْرَ فيه . قال أحمدُ بنُ أبي الْحَوَارِيِّ: إذا حَدَّثَتْكَ نَفْسُكَ بِتَرْكِ الدُّنيا عندَ إِدْبَارِهَا فهو خُدْعَةٌ، وإذا حَدَّثَتْكَ نَفْسُكَ بِتَرْكِهَا عندَ إِقْبَالِهَا فَذَاكَ . قال أبو عِمْرَانَ الْجَوْنِيُّ: إنَّه لَيْسَ بينَ الْجَنَّةِ والنَّارِ طُرُقٌ ولا فَيَافِي ، ولا مَنْزِلٌ هُنَالِكَ لِأَحَدٍ؛ مَنْ أَخْطَأَتْهُ الْجَنَّةُ صارَ إلى النَّارِ . قال جعفرُ بْنُ مُحَمَّدٍ : إذا بَلَغَكَ عن أَخِيكَ شَيْءٌيَسُوءُكَ فَلاَ تَغْتَمّ ، فإنَّكَ إنْ كُنْتَ كَما يَقُولُ كانتْ عُقُوبةً عُجِّلَتْ ، وإنْ كُنْتَ علَى غَيْرِ ما يَقُولُ كانتْ حَسَنَةً لَمْ تَعْمَلْهَا . وقال سفيان بْن ُعُيَيْنَةَ: قالَتِ العلماءُ : الْمَدْحُ لا يَغُرُّ مَنْ عَرَفَ نَفْسَهُ . كان محمدُ بنُ يُوسُفَ لا يَشْتَرِي مِن خَبَّازٍ واحِدٍ ولا مِن بَقَّالٍ واحِدٍ، يقولُ: لَعَلَّهم يَعْرِفُونِي فَيُحَابُونِي، فَأَكُونَ مِمَّنْ أَعِيشُ بِدِينِي ! نَظَرَ يَحْيَى يَوْمًا إلى إنسانٍ وهُوَ يُقَبِّلُ وَلَدًا له صَغِيرًا ، فقالَ : أَتُحِبُّهُ ؟ قال: نَعَمْ، قال : هَذا حُبُّكَ له إِذْ وَلَدْتَهُ، فَكَيْفَ بِحُبِّ اللهِ له إِذْ خَلَقَهُ ؟ دَخَلَ علَى أبي بَكْرٍ الْوَرَّاقِ رجلٌ فقال: إِنِّي أَخافُ مِن فُلاَنٍ ، فقال : لا تَخَفْ منه ، فَإِنَّ قَلْبَ مَن تَخافُهُ بِيَدِ مَنْ تَرْجُوهُ . عن أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلَ قال: هذا الَّذِي تَرَوْنَ كُلُّهُ أو عَامَّتُهُ مِنَ الشَّافِعِيِّ، وما بِتُّ مُنْذُ ثلاثينَ سنةً إِلاَّ وأنا أَدْعُو لِلشَّافِعِيِّ . قال أبو دَاوُدَ السِّجِسْتَانِيُّ: لَقِيتُ مائَتَيْنِ مِنْ مَشايِخِ الْعِلْمِ فمَا رَأَيْتُ مِثْلَ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلَ ، لَمْ يَكُنْ يَخُوضُ في شَيْءٍ مِمَّا يَخُوضُ فيهِ الناسُ مِن أَمْرِ الدُّنيا ، فَإِذَا ذُكِرَ الْعِلْمُ تَكَلَّمَ . قال الْفُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ: لَيْسَتِ الدَّارُ دَارَ إِقَامَةٍ، وإِنَّما أُهْبِطَ آدَمُ إليها عُقُوبَةً، أَلاَ تَرَى كيفَ يَزْوِيهَا عنه ، يُمَرِّرُ عليه بِالْجُوعِ مَرَّةً وبِالْعُرْيِ مَرَّةً وبِالْحَاجَةِ مَرَّةً ؟ كَما تَصْنَعُ الْوَالِدَةُ الشَّفِيقَةُ بِوَلَدِهَا، تَسْقِيهِ مَرَّةً حَضِيضًا ومَرَّةً صَبِرًا ، وإِنَّما تُرِيدُ بذلكَ ما هو خَيْرٌ له . قال بنانُ الْبَغْدَادِيُّ: الْحُرُّ عَبْدٌ ما طَمِعَ ، وَالْعَبْدُ حُرٌّ ما قَنَعَ . عن سعيدِبنِ الْمُسَيَّبِ قال: مَنِ اسْتَغْنَى بِاللهِ افْتَقَرَ الناسُ إليه . قال جَعْفَرٌ بن محمد : قال مُوسَى : يا رَبِّ أَسْأَلُكَ أَلاَّ يَذْكُرَنِي أَحَدٌ إِلاَّ بِخَيْرٍ ، قال : ما فَعَلْتُ ذلك لِنَفْسِي ! وقالَ بشر الحافي : اُكْتُمْ حَسَناتِكَ كَما تَكْتُمُ سَيِّئَاتِكَ . وقال ابنُ أدهمَ: كُونُوا على حَياءٍ مِنَ اللهِ، فَوَاللهِ لقد سَتَرَ وأَمْهَلَ، وجَادَ فَأَحْسَنَ، حَتَّى كأَنَّه قَدْ غَفَرَ ، كَرَمًا منه لِخَلْقِهِ . عن ابنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ تعالى عنه قال: لَمَّا ضُرِبَ الدِّينَارُ وَالدِّرْهَمُ أَخَذَهُ إِبْلِيسُ فَوَضَعَهُ علَى عَيْنَيْهِ وقال: أَنْتَ ثَمَرَةُ قَلْبِي وقُرَّةُ عَيْنِي ، بِكَ أُطْغِي وبِكَ أُكَفِّرُ وبِكَ أُدْخِلُ النَّارَ ، رَضِيتُ مِن ابْنِ آدَمَ بِحُبِّ الدُّنيا أَنْ يَعْبُدَكَ ! قال الحارثُ بْنُ أَسَدٍ الْمُحَاسَبَيُّ: لا يَنْبَغِي لِلْعَبْدِ أنْ يَطْلُبَ الْوَرَعَ بِتَضْيِيعِ الْوَاجِبِ . قال الفضيلُ بنُ عِياضٍ لابْنِه: يا عَلِيُّ، لَعَلَّكَ تَرَى أَنَّكَ تُسَاوِي شيئًا، الذُّبَابُ أَطْوَعُ للهِ مِنْكَ ! وقال بِلالٌ بن سعد: لا تَكُنْ وَلِيًّا للهِ في الْعَلانِيَةِ وعَدُوَّهُ في السِّرِّ. قال رجلٌ عندَ ابْنِ مَسْعُودٍ: ما أُحِبُّ أَنْ أَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ ، أَكُونُ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ أَحَبُّ إِلَيَّ ! فقالَ عبدُ اللهِ: لَكِنْ هُنَاكَ رَجَلٌ وَدَّ لو أَنَّه إذا مَاتَ لَمْ يُبْعَثْ؛ يَعْنِي نَفْسَهُ . قال مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ : تَعَلَّمُوا الْعِلْمَ ؛ فإنَّ تَعَلُّمَهُ للهِ خَشْيَةٌ، وطَلَبَهُ عِبَادَةٌ، ومُذَاكَرَتَهُ تَسْبِيحٌ، وَالْبَحْثَ عنه جِهَادٌ ، وتَعْلِيمَهُ لِمَنْ لا يَعْلَمُه صَدَقَةٌ، وبَذْلَهُ لِأَهْلِهِ قُرْبَةٌ، لأَنَّهُ مَعالِمُ الْحَلالِ وَالْحَرَامِ، ومَنَارُ أَهْلِ الْجَنَّةِ، والأُنْسُ في الْوَحْشَةِ، وَالصَّاحِبُ في الْغُرْبَةِ ، وَالْمُحَدِّثُ في الْخَلْوَةِ، والدَّلِيلُ علَى السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ، وَالسِّلاَحُ على الأَعْدَاءِ، وَالدِّينُ عِنْدَ الأَجِلاَّءِ، يَرْفَعُ اللهُ به أَقْوَامًا ويَجْعَلُهم في الخيرِ قَادةً وأَئِمَّةً، تُقْتَبَسُ آثَارُهُمْ ، ويُقْتَدَى بِفِعَالِهم، ويُنْتَهَى إلى رَأْيِهِم، تَرْغَبُ الملائكةُ في خُلَّتِهم، وبِأَجْنِحَتِهَا تَمْسَحُهم، يَسْتَغْفِرُ لهم كلُّ رَطْبٍ ويابِسٍ، حَتَّى الْحِيتَانُ في الْبَحْرِ وهَوَامُّهُ ، وسِبَاعُ الطَّيْرِ وأَنْعَامُهُ، لأَنَّ الْعِلْمَ حَياةُ الْقُلُوبِ مِنَ الْجَهْلِ، ومِصْبَاحُ الأبصارِ مِنَ الظُّلَمِ ، يُبْلَغُ بِالْعِلْمِ مَنازِلَ الأَخْيَارِ، وَالدَّرَجَةَ الْعُلْيَا في الدُّنيا والآخرةِ، وَالتَّفَكُّرُ فيه يُعْدَلُ بِالصِّيَام ،ومُدَارَسُتُه بِالْقِيَامِ ، بهِ تُوصَلُ الأرحامُ، ويُعْرَفُ الحلالُ مِنَ الحرامِ ، إِمَامُ الْعُمَّالِ وَالْعَمَلُ تَابِعُهُ، يًُلْهَمُهُ السُّعَدَاءُ، ويُحْرَمُهُ الأَشْقِيَاءُ وقال بِلالٌ بن سعد : إذا رأيتَ الرجلَ لَجُوجًا مُمَارِيًا مُعْجَبًا بِرَأْيِه فقدْ تَمَّتْ خَسَارَتُه. كان القلانسيُّ يقولُ: بِنَاءُ مَذْهَبِنَا علَى شَرَائِطَ ثَلاثٍ: لا نُطَالِبُ أَحَدًا مِنَ النَّاسِ بِوَاجِبِ حَقِّنَا، ونُطَالِبُ أَنْفُسَنا بِحُقُوقِ الناسِ ، ونُلْزِمُ أَنْفُسَنا التَّقْصِيرَ في جميعِ ما نَأْتِي به . قال إبراهيمُ بْنُ أحمدَ الْخَوَّاصُ : مَنْ لَمْ يَصْبِرْ لَمْ يَظْفَرْ ، وإِنَّ لإِبْلِيسَ وَثاقَيْنِ ما أَوْثَقَ بَنِي آدَمَ بِأَوْثَقَ منهما : خَوْفَ الْفَقْرِ، والطَّمْعَ . وقال : إذا رَأَيْتَ رَبَّكَ يُتَابِعُ نِعَمَهُ عليكَ وأنتَ تَعْصِيهِ، فَاحْذَرْهُ . سَأَلَ رَجُلٌ أبا سُلَيْمَانَ عن أَقْرَبِ ما يَتَقَرَّبُ به الْعَبْدُ إلى اللهِ عَزَّ وجَلَّ ، فَبَكَى أبو سُلَيْمَانَ وقال: أَفْضَلُ ما يَتَقَرَّبُ به الْعَبْدُ إلى اللهِ أَنْ يَطَّلِعَ علَى قَلْبِكَ وأَنْتَ لا تُرِيدُ مِنَ الدُّنيا والآخِرَةِ غَيْرَهُ . رُئِيَ إبراهيمُ بْنُ أَدْهَمَ في يَوْمٍ صائِفٍ وعليهِ جُبَّةُ فَرْوٍٍ مَقْلُوبَةٌ، في أَصْلِ سَيْلٍ ، مُسْتَلْقِيًا رَافِعًا رِجْلَيْهِ يقولُ: طَلَبَ الْمُلُوكُ الرَّاحَةَ فَأَخْطَئُوا الطَّرِيقَ . كانَ أُوَيْسٌ الْقَرَنِيُّ إذا أَمْسَى يَقُولُ: هَذِهِ لَيْلَةُ الرُّكُوعِ فَيَرْكَعُ حَتَّى يُصْبِحَ ، وكان يقولُ إذا أَمْسَى: هذه لَيْلَةُ السُّجُودِ فَيَسْجُدُ حَتَّى يُصْبِحَ . وكان إذا أَمْسَى تَصَدَّقَ بِمَا في بَيْتِهِ مِنَ الْفَضْلِ مِنَ الطَّعامِ وَالثِّيَابِ ثم يقولُ : اللَّهُمَّ مَن ماتَ جُوعًا فَلا تُؤَاخِذْنِي به ، ومَن ماتَ عُرْيَانًا فَلا تُؤَاخِذْنِي به ! وقال سلمة بن دينار : اِعْلَمْ أَنَّكَ إذا مِتَّ لَمْ تُرْفَعِ الأَسْوَاقُ بِمَوْتِكَ ، إِنَّ شَأْنَكَ صَغِيرٌ فَاعْرِفْ نَفْسَكَ . قالَ الأوزاعيُّ: مَن أَكْثَرَ مِنْ ذِكْرِ الْمَوْتِ كَفاهُ الْيَسِيرُ، ومَن عَلِمَ أنَّ مَنْطِقَهُ مِن عَمَلِهِ قَلّ كَلامُهُ . عنِ الْحَسَنِ البصري قال : ابْنَ آدَمَ، إِنَّما أنتَ أَيَّامٌ، كُلَّما ذَهَبَ يَوْمٌ ذَهَبَ بَعْضُكَ ! قال الشافعي: السَّخَاءُ وَالْكَرَمُ يُغَطِّيَانِ عُيُوبَ الدُّنيا والآخِرَةِ، بَعْدَ أَلاَّ يَلْحَقَهُمَا بِدْعَةٌ . وقال سفيان الثوري : إِنَّما أَرْبَابُ الْعِلْمِ الذين هُمْ أَهْلُه الذينَ يعملون به قال الشافعي: العلمُ مُرُوءَةُ مَن لا مُرُوءَةَ له قال عمرُ بنُ عبدِ العزيزِ لِجُلَسَائِهِ: أَخْبِرُونِي بِأَحْمَقِ الناسِ، قالوا: مَن باعَ آخِرَتَهُ بِدُنْيَاهُ، فقال عُمَرُ: أَلاَ أُنَبِّئُكُمْ بِأَحْمَقَ منه ؟ قالوا: بَلَى، قال: مَن باعَ آخِرَتَهُ بِدُنْيَا غَيْرِهِ ! قال إبراهيمُ بْنُ أَدْهَمَ لِشَقِيقٍ الْبَلْخِيِّ : يا شَقِيقُ ، لَمْ يَنْبُلْ عندَنا مَن نَبُلَ بِالْحَجِّ ولا بِالْجِهَادِ، وإِنَّما نَبُلَ عندَنا مَن نَبُلَ مَن كان يَعْقِلُ ما يَدْخُلُ جَوْفَهِ مِن حِلِّهِ . قال أبو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ : إنَّ أَحَدَهُمْ لو سَقَطَ منه دِرْهَمٌ لَظَلَّ يَوْمَهُ يقول: إِنَّا للهِ ، ذَهَبَ دِرْهَمِي، ولا يَقُولُ ذَهَبَ يَوْمِي ما عَمِلْتُ فيه . وقال: الْمُؤْمِنُ أَحْسَنُ النَّاسِ عَمَلاً وأَشَدُّ الناسِ خَوْفًا، لو أَنْفَقَ جَبَلاًمِن مَالٍ ما أَمِنَ دُونَ أنْ يُعايِِنَ ، لا يَزْدَادُ صَلاحًا وبِرًّا وعِبادَةً إِلاَّ ازْدَادَ خَوْفًا ، يَقُولُ: لا أَنْجُو ، وَالْمُنَافِقُ يقولُ: سَوَادُ النَّاسِ كَثِيرٌ وسَيُغْفَرُ لي ولا بَأْسَ علَيَّ ، فَيُنْسِئُ الْعَملَ ويَتَمَنَّى علَى اللهِ تَعالَى .