عدد زائرى الموقع :  294134
قال أبو بكرِ بْنُ عَيَّاشٍ: قال لي رجلٌ مَرَّةً وأنا شَابٌّ : خَلِّصْ رَقَبَتَكَ ما استطعتَ في الدُّنيا مِنْ رِقِّ الآخرةِ، فإنَّ أَسِيرَ الآخرةِ غَيْرُ مَفْكُوكٍ أَبَدًا. قال أبو بكرٍ: فَما نَسِيتُهَا أَبَدًا . قال إسحاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ لِلْفُضَيْلِ: لَوْ حَدَّثْتَنِي بأحاديثَ فَوائِدَ ليستْ عِنْدِي ؟ فقال له الْفُضَيْلُ: إنَّك مَفْتُونٌ، أَمَا واللهِ لو عَمِلْتَ بما سَمِعْتَ ! سَمِعْتُ سُلَيْمَانَ بْنَ مِهْرَانَ يقول: إذا كانَ بينَ يَدَيْكَ طَعامٌ تَأْكُلُهُ، فَتَأْخُذُ اللُّقْمَةَفَتَرْمِي بِهَا خَلْفَ ظَهْرِكَ، كُلَّمَا أَخَذْتَ لُقْمَةً رَمَيْتَ بها خَلْفَ ظَهْرِكَ، مَتَى تَشْبَعُ ؟! وقال سفيان بْنُعُيَيْنَةَ: الْعِلْمُ إِنْ لَمْ يَنْفَعْكَ ضَرَّكَ ! قال الشافعي: العلمُ مُرُوءَةُ مَن لا مُرُوءَةَ له قال غَسَّانُ بْنُ الْفَضْلِ: كان بِشْرٌ مِنَ الَّذِينَ إذا رُؤُوا ذُكِرَ اللهُ ، وإذا رأيتَ وَجْهَهُ ذَكَرْتَ الآخرةَ، رَجُلٌ مُنْبَسِطٌ ليس بِمُتَمَاوِتٍ. قال الْخَلِيفَةُ سليمانُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ لأبي حازمٍ : اِرْفَعْ إليَّ حاجَتَكَ، قال: أَيْهَاتَ، أَيْهَاتَ، قد رَفَعْتُهَا إلى مَنْ لا تُخْتَزَنُ الْحَوَائِجُ دُونَهُ، فَما أَعْطَانِي منها قَنَعْتُ، وما زَوَى عَنِّي رَضِيتُ . وكَتَبَ عمرُ بنُ عبدِ العزيزِ إلى عمرَ بْنِ عُبَيْدِ اللهِ يُعَزِّيهِ علَى ابْنِهِ؛ أَمَّا بَعْدُ: فَإِنَّا قَوْمٌ مِن أَهْلِ الآخِرَةِ أُسْكِنَّا الدُّنيا، أَمْوَاتٌ أَبْنَاءُ أَمْوَاتٍ، وَالْعَجَبُ لِمَيِّتٍ يَكْتُبُ إلى مَيِّتٍ يُعَزِّيهِ عَنْ مَيِّتٍ. وَالسَّلامُ ! قال سفيانُ الثوريُّ: رِضَا الناسِ غايَةٌ لا تُدْرَكُ، وطَلَبُ الدُّنيا غايةٌ لا تُدْرَكُ . قال أبو حَبِيبٍ الْبَدَوِيُّ لِسُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ: مَنْعُ اللهِ عَطاءٌ، وذلك أَنَّه لا يَمْنَعُ مِن بُخْلٍ ولا عُدْمٍ ، إِنَّما مَنْعُهُ نَظَرٌ وَاخْتِبَارٌ . وقال سفيان الثوري : الزُّهْدُ في الدنيا قِصَرُ الأَمَلِ، ليس بِأَكْلِ الْغَلِيظِ ولا لُبْسُ الْخَشِنِ . عن سعيدِبنِ الْمُسَيَّبِ قال: مَنِ اسْتَغْنَى بِاللهِ افْتَقَرَ الناسُ إليه . قال بَكْرٌ الْمُزَنِيُّ: إِنْ عَرَضَ لكَ إِبْلِيسُ بأنَّ لكَ فَضْلاً علَى أَحَدٍ مِن أَهْلِ الإسلامِ فَانْظُرْ، فإنْ كانَ أَكْبَرَ منكَ فَقُلْ قد سَبَقَنِي هذا بالإيمانِ والعملِ الصَّالِحِ فهو خَيْرٌ مِنِّي، وإنْ كانَ أَصْغَرَ منكَ فَقُلْ قد سَبَقْتُ هذا بِالْمَعاصِي وَالذُّنُوبِ وَاسْتَوْجَبْتُ الْعُقُوبَةَ فهو خيرٌ مِنِّي ؛ فإنَّكَ لا تَرَى أحدًا مِن أَهْلِ الإسلامِ إِلاَّ أَكْبَرَ منكَ أو أَصْغَرَ منكَ . قال: وإنْ رَأَيْتَ إِخْوَانَكَ المسلمينَ مَنْ يُكْرِمُونَك ويُعَظِّمُونَك ويَصِلُونَك فقل أنتَ: هذا فَضْلٌ أَخَذُوا به ، وإنْ رَأَيْتَ منهم جَفاءً وَانْقِبَاضًا فقلْ هذا ذَنْبٌ أَحْدَثْتُهُ . قال الْمُقَرَّبُونَ مِنَ الأَعْمَشِ: ظَلَّ الأَعْمَشُ قَرِيبًا مِنْ سَبْعِينَ سَنَةً لَمْ تَفُتْهُ التَّكْبِيرَةُ الأُولَى ولا الصَّفُّ الأَوَّلُ، وكانَ يَلْتَمِسُ الْحَائِطَ حَتَّى يَقُومَ في الصَّفِّ الأَوَّلِ . وكان وَكِيعٌ يَذْهَبُ إليه قَرِيبًا مِنْ سِتِّينَ سَنَةً فَما رآهُ يَقْضِي رَكْعَةً . مَرَّ أبو حازِمٍ بِأَبِي جَعْفَرٍ الْمَدِينِيِّ وهو مُكْتَئِبٌ حَزِينٌ، فقال: مالي أَراكَ مُكْتَئِبًا حَزِينًا، وإِنْ شِئْتَ أَخْبَرْتُكَ ! قال: أَخْبِرْنِي ما وَرَاءَكَ ، قال: ذَكَرْتَ وَلَدَكَ مِنْ بَعْدِكَ، قال: نَعَمْ ، قال: فَلا تَفْعَلْ ، فَإِنْ كانوا للهِ أَوْلِيَاءَ فَلا تَخَفْ عَلَيْهِمُ الضَّيْعَةَ ، وإِنْ كانوا للهِ أَعْدَاءً فَلا تُبَالِ ما لَقُوا بَعْدَكَ . قالَ بِشْرُ بْنُ السَّرِيِّ: لَيْسَ مِن أَعْلاَمِ الْحُبِّ أنْ تُحِبَّ ما يُبْغِضُ حَبِيبُكَ. قال إبراهيمُ بْنُ أحمدَ الْخَوَّاصُ : مَنْ لَمْ يَصْبِرْ لَمْ يَظْفَرْ ، وإِنَّ لإِبْلِيسَ وَثاقَيْنِ ما أَوْثَقَ بَنِي آدَمَ بِأَوْثَقَ منهما : خَوْفَ الْفَقْرِ، والطَّمْعَ . عن سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ أنَّه قال: ما فَاتَتْنِي الصَّلاةُ في الجماعةِ مُنْذُ أربعينَ سنةً،وما أذَّنَ الْمُؤَذِّنُ مُنْذُ ثلاثينَ سنةً إِلاَّ وأنا في الْمَسْجِدِ . قال الشافعيُّ : ما ناظَرْتُ أحدًا قَطُّ إِلاَّ أَحْبَبْتُ أنْ يُوَفَّقَ ويُسَدَّدَ ويُعَانَ ويكونَ عليه رِعَايَةٌ مِنَ اللهِ وحِفْظٌ ، وما ناظرتُ أحدًا إِلاَّ ولَمْ أُبَالِ بَيَّنَ اللهُ الْحَقَّ على لِسَانِي أو لِسَانِه . عنْ أبي عَوَانَةَ قال: لو قِيلَ لِمَنْصُورِ بْنِ زَاذَانَ: إِنَّكَ مَيِّتٌ اليومَ أو غَدًا ، ما كان عندَه مِن مَزِيدٍ . كان عمرُبن عبد العزيز يَخْطُبُ الناسَ فَيقُولُ: أَيُّهَا الناسُ، مَنْ أَلَمَّ بِذَنْبٍ فَلْيَسْتَغْفِرِ اللهَ وَلْيَتُبْ، فإنْ عادَ فَلْيَسْتَغْفِرْ وَلْيَتُبْ، فإنْ عادَ فَلْيَسْتَغْفِرْ ولْيَتُبْ، فَإِنَّما هي خَطايَا مُطَوَّقَةٌ في أَعْنَاقِ الرِّجَالِ، وإنَّ الْهَلاكَ كُلَّ الْهَلاكِ الإِصْرَارُ عليها . وقال بِلاَلُ بْنُ سَعْدٍ : لا تَنْظُرْ إلى صِغَرِ الْخَطِيئَةِ ولَكِنِ انْظُرْ إلى مَن عَصَيْتَ . قيل لِسعيدِ بنِ جُبَيْرٍ: مَن أَعْبَدُ الناسِ ؟ قال: رجلٌ اجْتَرَحَ مِنَ الذُّنوبِ فَكُلَّما ذَكَرَ ذُنُوبَهُ احْتَقَرَ عَمَلَهُ . قال أبو الدرداء: إنَّ أَخْوَفَ ما أخافُ إذا وَقَفْتُ علَى الْحِسَابِ أنْ يُقَالَ لي: قد عَلِمْتَ، فما عَمِلْتَ فيما عَلِمْتَ ؟ وقال: رَحِمَ اللهُ رَجُلاً لَمْ يَغُرّهُ كَثْرَةُ ما يَرى مِن كَثْرَةِ الناسِ، ابْنَ آدَمَ، إِنَّكَ تَموتُ وَحْدَكَ، وتَدْخُلُ الْقَبْرَ وحدَك،وتُبعثُ وحدَك، وتُحاسَبُ وحدَك، ابْنَ آدَمَ، وأنتَ الْمَعْنِيُّ وإِيَّاكَ يُرَادُ. قال ثابتٌ: إنَّ أَهْلَ ذِكْرِ اللهِ لَيَجْلِسُونَ إلى ذِكْرِ اللهِ وإنَّ عليهِم مِنَ الآثامِ كَأَمْثَالِ الْجِبَالِ، وإِنَّهم لَيَقُومُونَ مِن ذِكْرِ اللهِ عُطْلاً ما عليهِم منها شَيْءٌ . قِيلَ لِسُفْيَانَ : ما تَرَى فِيمَنْ كَسَبَ ثَلاثينَ أَلْفَ دِرْهَمٍ مِن غَيْرِ حَقِّهَا وقال: أَقْعُدُ أُسَبِّحُ وأَحْمَدُ وأُكَبِّرُ حتَّى أَعْمَلَ مِنَ الْحَسناتِ بِعَدَدِ هذه ؟ فقال سفيانُ: فَلْيَرُدَّها قَبْلُ ؛ فإِنَّهُ لا يُقْبَلُ له ذِكْرٌ إِلاَّ بِرَدِّهَا . كانَ سعيدُ بْنُ عبدِ العزيزِ إذا فَاتَتْهُ الصلاةُ في الجماعةِ يَأْخُذُ بِلِحْيَتِهِ ويَبْكِي . قال رِيَاحٌ: كَما لا تَنْظُرُ الأَبْصَارُ إلى شُعَاعِ الشَّمْسِ، كذلك لا تَنْظُرُ قُلُوبُ مُحِبِّي الدُّنيا إلى نُورِ الْحِكْمَةِ أَبدًا . قال الرَّبِيعُ : سَمِعْتُ الشافعيَّ مِرَارًا كثيرةً يقولُ: ليسَ العلمُ ما حُفِظَ ، العلمُ ما نَفَعَ قال الشافعي: السَّخَاءُ وَالْكَرَمُ يُغَطِّيَانِ عُيُوبَ الدُّنيا والآخِرَةِ، بَعْدَ أَلاَّ يَلْحَقَهُمَا بِدْعَةٌ . قال ابنُ شِهَابٍ الزُّهْرِيُّ: الْعِلمُ خَزائنُ وتَفْتَحُهَا المسائلُ قال حَبِيبٌ: لا تَقْعُدُوا فُرَّاغًا فإِنَّ الْمَوْتَ يَلِيكُمْ. وقال: الْفَاجِرُ الرَّاجِي لِرَحْمَةِ اللهِ أَقْرَبُ إلى اللهِ مِنَ الْعَابِدِ الذي يَرَى أَنَّهُ لا يَنالُ ما عِنْدَ اللهِ إِلاَّ بِعَمَلِهِ . وقال مكحولٌ: رَأَيْتُ رَجُلاً يُصَلِّي وكُلَّمَا رَكَعَ أو سَجَدَ بَكَى، فَاتَّهَمْتُهُ أَنَّه يُرَائِي بِبُكَائِهِ، فَحُرِمْتُ الْبُكَاءَ سَنَةً . قال أبو الدرداءِ: كَمْ مِنْ نِعْمَةٍ للهِ تَعالَى في عِرْقٍ ساكِنٍ . قال الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ : بابٌ واحدٌ أَتَعَلَّمُه مِنَ الْعِلْمِ أَحَبُّ إليَّ مِنَ الدنيا وما فيها . قال الْفُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ: إِنَّما جُعِلَتِ الْعِلَلُ لِيُؤَدَّبَ بها الْعِبَادُ، ليس كُلُّ مَن مَرِضَ ماتَ ! وقال الشافعي : مَنْ وَعَظَ أخاهُ سِرًّا فَقَدْ نَصَحَهُ وزَانَهُ ، ومَنْ وَعَظَهُ عَلانِيَةً فَقَدْ فَضَحَهُ وخَانَهُ . كان عمرُ يقولُ: أَحْسِنْ بِصَاحِبِكَ الظَّنَّ حتى يَغْلِبَكَ، وإذا سَمِعْتَ كَلِمَةً مِن امْرِئٍ مُسْلِمٍٍ فلا تَحْمِلْهَا علَى شَيْءٍ مِنَ الشَّرِّ ما وَجَدْتَ لها مَحْمَلاً مِنَ الْخَيْرِ . قال أبو الدرداء: لا تُكَلِّفُوا الناسَ ما لَمْ يُكَلَّفُوا، ولا تُحَاسِبُوا النَّاسَ دُونَ رَبِّهِم، ابْنَ آدَمَ، عَلَيْكَ نَفْسَكَ، فإِنَّهُ مَنْ تَتَبَّعَ ما يَرَى في الناسِ يَطُولُ حُزْنُهُ ولا يَشْفِ غَيْظَهُ . ذُكِرَ رَجُلٌ عندَ الرَّبِيعِ بْنِ خَيْثَمٍ فقال: ما أنا عَن نَفْسِي بِرَاضٍ فَأَتَفَرَّغَ منها إلى آدَمِيٍّ غَيْرِهَا، إنَّ العبادَ خافُوا اللهَ على ذُنُوبِ غَيْرِهم وَأَمِنُوهُ على ذُنُوبِ أَنْفُسِهم ! وقالَ: لَيْسَ سَاعَةٌ مِن ساعاتِ الدُّنيا إِلاَّ وَهِيَ مَعْرُوضَةٌ علَى الْعَبْدِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَوْمًا فَيَوْمًا وسَاعةً فَساعةً، ولا تَمُرُّ به ساعةٌ لَمْ يَذْكُرِ اللهَ تَعالَى فيها إِلاَّ تَقَطَّعَتْ نَفْسُه عليها حَسَرَاتٍ، فَكَيْفَ إذا مَرَّتْ به ساعةٌ معَ ساعةٍ ويومٌ معَ يومٍ ولَيْلَةٌ مَعَ لَيْلَةٍ ؟‍‍! عن أحمدَ بْنِ الْخَضِرِ قال: مَنْ أَحَبَّ أنْ يكونَ اللهُ مَعَهُ في جَمِيعِ الأحوالِ فَلْيَلْزَمِ الصِّدْقَ، فإنَّ اللهَ معَ الصَّادِقِينَ . وقال سفيان بْنُعُيَيْنَةَ: مَنْ رَأَى أَنَّه خَيْرٌ مِن غَيْرِهِ فَقَدِ اسْتَكْْبَرَ، وذَاكَ أنَّ إِبْلِيسَ إِنَّما مَنَعَهُ مِنَ السُّجُودِ لآدَمَ عليه السَّلامُ اسْتِكْبَارُهُ . قال مالكُ بنُ دِينَارٍ: رأيتُ مُسْلِمَ بْنَ يَسَارٍ في مَنامِي بعدَ مَوْتِه بِسَنَةٍ، فَسَلَّمْتُ عليه فَلَمْ يَرُدّ عَليَّ السَّلامَ، فقلتُ: لِمَ لا تَرُدّ عليَّ السَّلامَ؟ قال: أنا مَيِّتٌ فَكَيْفَ أَرُدُّ السَّلامَ، فقلتُ: ماذا لَقِيتَ يَوْم الْمَوْتِ ؟ قال: قد لَقِيتُ أَهْوَالاً وزَلاَزِلَ عِظَامًا شِدَادًا، قلتُ: وماذا كانَ بَعْدَ ذلكَ؟ قال: وما تُرَاهُ يكونُ مِنَ الْكَرِيمِ! قَبِلَ مِنَّا الْحَسَناتِ، وعَفا لنا عَنِ السَّيِّئَاتِ، وضَمِنَ عَنَّا التَّبِعَاتِ . رَأَى إبراهيمُ بْنُ أَدْهَمَ رَجُلاً يَتَحَدَّثُ بِكَلامٍ لَيْسَ فيه فائدةٌ، فقال له: كَلامُكَ هذا تَرْجُو فيه ثَوَابًا ؟ قال: لا، قال: فَتَأْمَنُ عليه مِنَ الْعِقَابِ ؟ قال: لا، قال: فَما تَصْنَعُ بِشَيْءٍ لا تَرْجُو فِيهِ ولا تَأْمَنُ عَلَيْهِ ؟ عن محمدِ بْنِ سِيرِينَ قال: إِنَّ هَذاالْعِلْمَ دِينٌ، فَانْظُرُوا عَمَّنْ تَأْخُذُونَهُ . كانَ جَابِرُ بْنُ زَيْدٍ لا يُمَاكِسُ في كُلِّ شَيْءٍ يَتَقَرَّبُ به إلى اللهِ عَزَّ وجَلَّ ،فكان لا يُمَاكِسُ في ثَلاثٍ: في الأُجْرَةِ إلى مَكَّةَ، وفي الرَّقَبَةِ يَشْتَرِيها لِلْعِتْقِ ، وفي الأُضْحِيَّةِ . عنِ الْحَسَنِ البصري قال : ابْنَ آدَمَ، إِنَّما أنتَ أَيَّامٌ، كُلَّما ذَهَبَ يَوْمٌ ذَهَبَ بَعْضُكَ ! وقالسفيان بْنُعُيَيْنَةَ: كان يُقَالُ: أنْ يَكُونَ لكَ عَدُوٌّ صالِحٌ خَيْرٌ مِن أنْ يكونَ لكَ صَدِيقٌ فاسِدٌ ؛ لأَنَّ الْعَدُوَّ الصَّالِحَ يَحْجِزُهُ إِيمَانُهُ أنْ يُؤْذِيَكَ أو يَنَالَكَ بِمَا تَكْرَهُ، وَالصَّدِيقُ الْفَاسِدُ لا يُبَالِي ما نالَ مِنْكَ . قال أبو إسحاقَ الفزاريُّ: إنَّ مِنَ النَّاسِ مَن يُحِبُّ الثَّناءَ عليه وما يُسَاوِي عندَ اللهِ جَناحَ بَعُوضَةٍ . قال إبراهيمُ بنُ أدهمَ: لَمْ يَصْدُقِ اللهََ مَنْ أَحَبَّ الشُّهْرَةَ . وقالَ بشر الحافي : اُكْتُمْ حَسَناتِكَ كَما تَكْتُمُ سَيِّئَاتِكَ . قال مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ : تَعَلَّمُوا الْعِلْمَ ؛ فإنَّ تَعَلُّمَهُ للهِ خَشْيَةٌ، وطَلَبَهُ عِبَادَةٌ، ومُذَاكَرَتَهُ تَسْبِيحٌ، وَالْبَحْثَ عنه جِهَادٌ ، وتَعْلِيمَهُ لِمَنْ لا يَعْلَمُه صَدَقَةٌ، وبَذْلَهُ لِأَهْلِهِ قُرْبَةٌ، لأَنَّهُ مَعالِمُ الْحَلالِ وَالْحَرَامِ، ومَنَارُ أَهْلِ الْجَنَّةِ، والأُنْسُ في الْوَحْشَةِ، وَالصَّاحِبُ في الْغُرْبَةِ ، وَالْمُحَدِّثُ في الْخَلْوَةِ، والدَّلِيلُ علَى السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ، وَالسِّلاَحُ على الأَعْدَاءِ، وَالدِّينُ عِنْدَ الأَجِلاَّءِ، يَرْفَعُ اللهُ به أَقْوَامًا ويَجْعَلُهم في الخيرِ قَادةً وأَئِمَّةً، تُقْتَبَسُ آثَارُهُمْ ، ويُقْتَدَى بِفِعَالِهم، ويُنْتَهَى إلى رَأْيِهِم، تَرْغَبُ الملائكةُ في خُلَّتِهم، وبِأَجْنِحَتِهَا تَمْسَحُهم، يَسْتَغْفِرُ لهم كلُّ رَطْبٍ ويابِسٍ، حَتَّى الْحِيتَانُ في الْبَحْرِ وهَوَامُّهُ ، وسِبَاعُ الطَّيْرِ وأَنْعَامُهُ، لأَنَّ الْعِلْمَ حَياةُ الْقُلُوبِ مِنَ الْجَهْلِ، ومِصْبَاحُ الأبصارِ مِنَ الظُّلَمِ ، يُبْلَغُ بِالْعِلْمِ مَنازِلَ الأَخْيَارِ، وَالدَّرَجَةَ الْعُلْيَا في الدُّنيا والآخرةِ، وَالتَّفَكُّرُ فيه يُعْدَلُ بِالصِّيَام ،ومُدَارَسُتُه بِالْقِيَامِ ، بهِ تُوصَلُ الأرحامُ، ويُعْرَفُ الحلالُ مِنَ الحرامِ ، إِمَامُ الْعُمَّالِ وَالْعَمَلُ تَابِعُهُ، يًُلْهَمُهُ السُّعَدَاءُ، ويُحْرَمُهُ الأَشْقِيَاءُ قال حاتمٌ الأصم : أََجِّلْ أربعةََ أشياءَ إلى أَرْبَعَةِ مَوَاضِعَ وخُذِ الْجَنَّةَ: النَّوْمَ إلى الْقَبْرِ، وَالرَّاحَةَ إلى الصِّرَاطِ، وَالْفَخْرَ إلى الْمِيزَانِ ، وَالشَّهَوَاتِ إلى الْجَنَّةِ . قال ابنُ شِهَابٍ الزُّهْرِيُّ: كُنَّا نأتي العالِمَ، فَما نتعلمُ منْ أَدَبهِ أَحَبُّ إلينا مِن علمه . عن زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ قال: يُقَالُ مَنِ اتَّقَى اللهَ أَحَبَّهُ الناسُ وإِنْ كَرِهُوا . قال الفضيلُ بنُ عِياضٍ لابْنِه: يا عَلِيُّ، لَعَلَّكَ تَرَى أَنَّكَ تُسَاوِي شيئًا، الذُّبَابُ أَطْوَعُ للهِ مِنْكَ ! قالَ أحمدُ بْنُ عاصِمٍ الأَنْطَاكِيُّ: هذه غَنِيمَةٌ بَارِدَةٌ : أَصْلِحْ فِيمَا بَقِيَ يُغْفَرْ لك فِيمَا مَضَى . كان أبو الْقَاسِمِ الْجُنَيْدُ بْنُ محمدٍ كثيرًا ما يقولُ: عِلْمُنَا مَضْبُوطٌ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ ، مَنْ لَمْ يَحْفَظِ القرآنَ ولَمْ يَكْتُبِ الْحَدِيثَ ولَمْ يَتَفَقَّهْ لا يُقْتَدَى به . قال سفيانُ بْنُ عُيَيْنَةَ: أَوْحَى اللهُ تعالى إلى مُوسَى عليهِ السَّلامُ : إنَّ أَوَّلَ مَن ماتَ إِبْلِيسُ، وذلك أَنَّهُ أَوَّلُ مَن عَصانِي، وأَنا أَعُدُّ مَن عَصانِي مِنَ الْمَوْتَى ! عنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍرَضِيَ اللهُ عنه قال: ما مِن عَبْدٍ تَرَكَ شَيْئًا للهِ عَزَّ وجَلَّ إِلاَّ أَبْدَلَهُ اللهُ به ما هُوَ خَيْرٌ مِنْهُ مِن حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ ، وما تَهَاوَنَ به عَبْدٌ فَأَخَذَهُ مِن حيثُ لا يَصْلُحُ إِلاَّ آتاهُ اللهُ ما هو أَشَدُّ عليهِ مِنْهُ مِن حيثُ لا يَحْتَسِبُ . قالَ الأوزاعيُّ: مَن أَكْثَرَ مِنْ ذِكْرِ الْمَوْتِ كَفاهُ الْيَسِيرُ، ومَن عَلِمَ أنَّ مَنْطِقَهُ مِن عَمَلِهِ قَلّ كَلامُهُ . كان محمدُ بنُ يُوسُفَ لا يَشْتَرِي مِن خَبَّازٍ واحِدٍ ولا مِن بَقَّالٍ واحِدٍ، يقولُ: لَعَلَّهم يَعْرِفُونِي فَيُحَابُونِي، فَأَكُونَ مِمَّنْ أَعِيشُ بِدِينِي ! قال سفيان الثوري: إِنَّما الْعِلْمُ عندَنا الرُّخَصُ عَنِ الثِّقَةِ، فأَمَّا التَّشْدِيدُ فَكُلُّ إنسانٍ يُحْسِنُهُ ! وقال ابن مسعود : لاَ يُقَلِّدَنَّ أَحَدُكُمْ دِينَهُ رَجُلاً، فَإِنْ آمَنَ آمَنَ، وإِنْ كَفَرَ كَفَرَ، فإنْ كُنْتُمْ لاَبُدََّ مُقْتَدِينَ فَاقْتَدُوا بِالْمَيِّتِ، فإِنَّ الْحَيَّ لا تُؤْمَنُ عليه الْفِتْنَةُ. قال محمدُ بْنُ إِدْرِيسَ الشَّافِعِيُّ لأحمدَ بْنِ حَنْبَلَ : يا أبا عَبْدِ اللهِ أَنْتَ أَعْلَمُ بِالأَخْبَارِ الصِّحَاحِ مِنَّا، فإذا صَحَّ عندَكُمُ الْحَدِيثُ عن رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسَلَّمَ فَأَخْبِرُونَا به حَتَّى نَرْجِعَ إليه . عادَ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ سُفْيَانَ الثَّوْرِيَّ فقالَ سُفْيَانُ: يا أَبا سَلَمَةَ أَتَرَى يَغْفِرُ اللهُ لِمِثْلِي؟ فقالَ حَمَّادٌ: واللهِ لَوْ خُيِّرْتُ بينَ مُحَاسَبَةِ اللهِ إِيَّايَ وبينَ مُحَاسَبَةِ أَبَوَيَّ لَاخْتَرْتُ مُحاسَبةَ اللهِ تَعالَى على مُحَاسَبةِ أَبَوَيَّ، وذلكَ أنَّ اللهَ تَعالَى أَرْحَمُ بِي مِن أَبَوَيَّ . وقال: مَنْ نَظَرَ الأشياءِ بِعَيْنِ الْفَناءِ كانتْ رَاحَتُهُ في مُفَارَقَتِهَا ، ولَمْ يَأْخُذْ منها إِلاَّ لِوَقْتِه . كان بينَ خالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ وسَعْدٍ كَلامٌ ، فَذَهَبَ رجلٌ يَقَعُ في خالدٍ عندَ سَعْدٍ فقالَ سعدٌ : مَهٍ ، إنَّ ما بَيْنَنا لَمْ يَبْلُغْ دِينَنا ! وقال شقيق البلخي : مَثَلُ الْمُؤْمِنِ كَمَثَلِ رَجُلٍ غَرَسَ نَخْلَةً وهو يخافُ أنْ يَحْمِلَ شَوْكًا، وَمَثَلُ الْمُنَافِقِ كَمَثَلِ رَجُلٍ زَرَعَ شَوْكًا وهو يَطْمَعُ أنْ يَحْصُدَ تَمْرًا، هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ ! كُلُّ مَنْ عَمِلَ حَسَنًا فإنَّ اللهَ لا يَجْزِيهِ إِلاَّ حَسَنًا، ولا تَنْزِلُ الأَبْرَارُ مَنازِلَ الْفُجَّارِ . قال الحارثُ بْنُ أَسَدٍ الْمُحَاسَبَيُّ: لا يَنْبَغِي لِلْعَبْدِ أنْ يَطْلُبَ الْوَرَعَ بِتَضْيِيعِ الْوَاجِبِ . قال الشافعي: طَلَبُ العلمِ أَفْضَلُ مِن صَلاةِ النَّافلةِ . قال سفيان الثوري: ليس طَلَبُ العلمِ فُلانٌ عن فلانٍ، إنَّما طَلَبُ العلمِ الْخَشْيَةُ مِنَ اللهِ عزَّ وجلَّ قال سفيانُ الثوريُّ : إذا تَرَأَّسَ الرجلُ سَرِيعًا أَضَرَّ بِكَثِيرٍ مِنَ الْعِلْمِ ، وإذا طَلَبَ وطَلَبَ بَلَغَ. قال سفيانُ الثوريُّ: حُرِمْتُ قِيَامَ اللَّيْلِ بِذَنْبٍ أَحْدَثْتُهُ خَمْسَةَ أَشْهُرٍ . وقال : إذا رَأَيْتَ رَبَّكَ يُتَابِعُ نِعَمَهُ عليكَ وأنتَ تَعْصِيهِ، فَاحْذَرْهُ . قال رجلٌ لِحَاتِمٍ الأصم : عِظْنِي، قال: إنْ كُنْتَ تُرِيدُ أنْ تَعْصِيَ مَوْلاَكَ فَاعْصِهِ في مَوْضِعٍ لا يَرَاكَ . قالَ أَيُّوبُ: إذا لَمْ يَكُنْ ما تُرِيدُفَأَرِدْ ما يَكُونُ. سُئِلَ ابْنُ عُمَرَ: هَلْ كانَ أَصْحَابُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يَضْحَكُونَ ؟ قال: نَعَمْ، والإيمانُ في قُلُوبِهم أَعْظَمُ مِنَ الْجِبَالِ . صَعَدَ سفيانُ الثوريُّ يُؤَذِّنُ الْعَصْرَ وتَرَكَ نَعْلَيْهِ في الْمِحْرَابِ، فَلَمَّا صَعَدَ رَأَى ابْنَ عَمٍّ له قَدْ أَخَذَ نَعْلَيْهِ، فَلَمَّا صَلَّى أَرْسَلَ إليه بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ ! وقال علي رَضِيَ اللهُ عنه: أَلاَ إِنَّ الْفَقِيهَ كُلَّ الْفِقْهِ الَّذِي لا يُقَنِّطُ الناسَ مِن رَحْمَةِ اللهِ، ولا يُؤَمِّنُهم مِن عذابِ اللهِ، ولا يُرَخِّصُ لهم في مَعاصِي اللهِ، ولا يَدَعُ القرآنَ رَغْبَةً عنه إلى غَيْرِهِ. قال عليُّ بْنُ أبي طَالِبٍ : لا خَيْرَ في عِبَادَةٍ لا عِلْمَ فيها، ولا خَيْرَ في عِلْمٍ لا فَهْمَ فيه، ولا خَيْرَ في قراءةٍ لا تَدَبُّرَ فيها . سَأَلَ رَجُلٌ أبا سُلَيْمَانَ عن أَقْرَبِ ما يَتَقَرَّبُ به الْعَبْدُ إلى اللهِ عَزَّ وجَلَّ ، فَبَكَى أبو سُلَيْمَانَ وقال: أَفْضَلُ ما يَتَقَرَّبُ به الْعَبْدُ إلى اللهِ أَنْ يَطَّلِعَ علَى قَلْبِكَ وأَنْتَ لا تُرِيدُ مِنَ الدُّنيا والآخِرَةِ غَيْرَهُ . كان القلانسيُّ يقولُ: بِنَاءُ مَذْهَبِنَا علَى شَرَائِطَ ثَلاثٍ: لا نُطَالِبُ أَحَدًا مِنَ النَّاسِ بِوَاجِبِ حَقِّنَا، ونُطَالِبُ أَنْفُسَنا بِحُقُوقِ الناسِ ، ونُلْزِمُ أَنْفُسَنا التَّقْصِيرَ في جميعِ ما نَأْتِي به . عن ابنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ تعالى عنه قال: لَمَّا ضُرِبَ الدِّينَارُ وَالدِّرْهَمُ أَخَذَهُ إِبْلِيسُ فَوَضَعَهُ علَى عَيْنَيْهِ وقال: أَنْتَ ثَمَرَةُ قَلْبِي وقُرَّةُ عَيْنِي ، بِكَ أُطْغِي وبِكَ أُكَفِّرُ وبِكَ أُدْخِلُ النَّارَ ، رَضِيتُ مِن ابْنِ آدَمَ بِحُبِّ الدُّنيا أَنْ يَعْبُدَكَ ! قال جعفرُ بْنُ مُحَمَّدٍ : إذا بَلَغَكَ عن أَخِيكَ شَيْءٌيَسُوءُكَ فَلاَ تَغْتَمّ ، فإنَّكَ إنْ كُنْتَ كَما يَقُولُ كانتْ عُقُوبةً عُجِّلَتْ ، وإنْ كُنْتَ علَى غَيْرِ ما يَقُولُ كانتْ حَسَنَةً لَمْ تَعْمَلْهَا . قال الرَّبيعُ: لا يَغُرَّنَّكَ كَثْرَةُ ثَناءِ النَّاسِ مِن نَفْسِكَ فإِنَّهُ خالِصٌ إليكَ عَمَلُكَ . نَظَرَ يَحْيَى يَوْمًا إلى إنسانٍ وهُوَ يُقَبِّلُ وَلَدًا له صَغِيرًا ، فقالَ : أَتُحِبُّهُ ؟ قال: نَعَمْ، قال : هَذا حُبُّكَ له إِذْ وَلَدْتَهُ، فَكَيْفَ بِحُبِّ اللهِ له إِذْ خَلَقَهُ ؟ قال أبو حازم: مَنْ عَرَفَ الدُّنيا لَمْ يَفْرَحْ فيها بِرَخَاءٍ ولَمْ يَحْزَنْ علَى بَلْوَى . قال أبو إِدْرِيسٍ الْخَوْلانِيُّ: مَنْ جَعَلَ هُمُومَهُ هَمًّا وَاحِدًا كَفَاهُ اللهُ هُمُومَهُ ، ومَن كان له في كُلِّ يَوْمٍ هَمٌّ لَمْ يُبَالِ اللهُ في أيِّهَا هَلَكَ . قال ذُو النُّونِ: ما طابَتِ الدُّنيا إِلاَّ بِذِكْرِهِ، ولا طابَتِ الآخرةُ إِلاَّ بِعَفْوِهِ، ولا طابتِ الْجِنَانُ إلاَّ بِرُؤْيَتِه . قال سفيان: زَيِّنُوا الْعِلْمَ بأنفسِكم ولا تَزَيَّنُوا بِالْعِلْمِ وقال الثوري : ما أُعْطِيَ رَجُلٌ مِنَ الدنيا شيئًا إِلاَّ قِيلَ له: خُذْهُ ومِثْلَهُ حُزْنًا ! عنْ جابِرٍ قالَ: قال لي محمدُ بْنُ عَلِيٍّ الْبَاقِرُ : يا جابِرُ بَلَغَنِي أنَّ قَوْمًا بِالْعِرَاقِ يَزْعُمُونَ أَنَّهم يُحِبُّونَنَا وَيَنَالُونَ أبا بَكْرٍ وعُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا ، ويَزْعُمُونَ أَنِّي أَمَرْتُهُمْ بِذَلِكَ، فَأَبْلِغْهُمْ أَنِّي إلى اللهِ مِنْهُمْ بَرِيءٌ. وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَوْ وُلِّيتُ لَتَقَرَّبْتُ إلى اللهِ تَعالَى بِدِمَائِهِم ، لا نَالَتْنِي شَفاعَةُ محمدٍإِنْ لَمْ أَكُنْ أَسْتَغْفِرُ لهما وأَتَرَحَّمُ عَليهِمَا ، إنَّ أَعْدَاءَ اللهِ لَغَافِلُونَ عنهما ، ومَنْ لَمْ يَعْرِفْ فَضْلَ أبي بَكْرٍ وعُمَرَ رَضِيَ الله عنهما فَقَدْ جَهِلَ السُّنَّةَ . قال الْجُنَيْدُ : الطُّرُقُ كُلُّهَا مَسْدُودَةٌ علَى الْخَلْقِ إِلاَّ مَنِ اقْتَفَى أَثَرَ الرَّسُولِ وَاتَّبَعَ سُنَّتَهُ ولَزِمَ طَرِيقَتَهُ، فإنَّ طُرُقَ الْخَيْرَاتِ كُلَّها مفتوحةٌ عليه . سَارَ إبراهيمُ بْنُ أَدْهَمَ مع بَعْضِ إخوانِه يُرِيدُونَ الإسكندريةَ، فَنَزَلُوا على نَهْرِ الأُرْدُنّ يَسْتَرِيحُونَ، فَقَرَّبَ واحدٌ منهم كُسَيْرَاتٍ يابِسَاتٍ ، فأَكَلُوهَا وحَمِدُوا اللهَ تَعالَى، وقامَ أَحَدُهم لِيَسْقِيَ إبراهيمَ فَسَارَعَهُ إبراهيمُ فَدَخَلَ النَّهْرَ حَتَّى بَلَغَ الماءُ رُكْبَتَيْهِ ، ثُمَّ شَرِبَ وقال: الْحَمْدُ للهِ، ثُمَّ خَرَجَ فَمَدَّ رِجْلَيْهِ وقال: لَوْ عَلِمَ الْمُلُوكُ وأَبْنَاءُ الْمُلُوكِ ما نَحْنُ فيه مِنَ السُّرُورِ وَالنَّعِيمِ إذًا لَجَالَدُونَا بِأَسْيَافِهِم علَى ما نحن فيه مِنْ لَذَّةِ الْعَيْشِ وقِلَّةِ التَّعَبِ . عن حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ قال: قال لنا أَيُّوبُ: إِنَّكَ لا تُبْصِرُ خَطَأَ مُعَلِّمِكَ حتَّى تُجَالِسَ غَيْرَه، جالِسِ النَّاسَ . قال سفيانُ بْنُعُيَيْنَةَ: لا تَأْسَ علَى ما فاتَكَ، وَاعْلَمْ أَنَّكَ لو رُزِقْتَ لأَتَاكَ ! وقال : لِكُلِّ شَيْءٍ أَسَاسٌ، وأَساسُ الإسلامِ الْخُلُقُ الْحَسَنُ .
 

The Prophet Muhammad

 
  إسلاميات - فوائد متنوعة  
جدول لمتابعة الأولاد في رمضان
     التفاصيل     
زوجات وأبناء الخلفاء الراشدين
     التفاصيل     
نسب الخلفاء الراشدين
     التفاصيل     
مفهوم الأمن في القرآن الكريم
     التفاصيل     
جميع الحقوق الأدبية والمادية محفوظة لمالك الموقع