عدد زائرى الموقع :  481111
قال عبدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ: الْعِلْمُ كَثِيرٌ وَالْعُلَماءُ قَلِيلٌ . قِيلَ لِسُفْيَانَ : ما تَرَى فِيمَنْ كَسَبَ ثَلاثينَ أَلْفَ دِرْهَمٍ مِن غَيْرِ حَقِّهَا وقال: أَقْعُدُ أُسَبِّحُ وأَحْمَدُ وأُكَبِّرُ حتَّى أَعْمَلَ مِنَ الْحَسناتِ بِعَدَدِ هذه ؟ فقال سفيانُ: فَلْيَرُدَّها قَبْلُ ؛ فإِنَّهُ لا يُقْبَلُ له ذِكْرٌ إِلاَّ بِرَدِّهَا . قال بَكْرٌ الْمُزَنِيُّ: إِنْ عَرَضَ لكَ إِبْلِيسُ بأنَّ لكَ فَضْلاً علَى أَحَدٍ مِن أَهْلِ الإسلامِ فَانْظُرْ، فإنْ كانَ أَكْبَرَ منكَ فَقُلْ قد سَبَقَنِي هذا بالإيمانِ والعملِ الصَّالِحِ فهو خَيْرٌ مِنِّي، وإنْ كانَ أَصْغَرَ منكَ فَقُلْ قد سَبَقْتُ هذا بِالْمَعاصِي وَالذُّنُوبِ وَاسْتَوْجَبْتُ الْعُقُوبَةَ فهو خيرٌ مِنِّي ؛ فإنَّكَ لا تَرَى أحدًا مِن أَهْلِ الإسلامِ إِلاَّ أَكْبَرَ منكَ أو أَصْغَرَ منكَ . قال: وإنْ رَأَيْتَ إِخْوَانَكَ المسلمينَ مَنْ يُكْرِمُونَك ويُعَظِّمُونَك ويَصِلُونَك فقل أنتَ: هذا فَضْلٌ أَخَذُوا به ، وإنْ رَأَيْتَ منهم جَفاءً وَانْقِبَاضًا فقلْ هذا ذَنْبٌ أَحْدَثْتُهُ . قال إبراهيمُ بْنُ أَدْهَمَ لِشَقِيقٍ الْبَلْخِيِّ : يا شَقِيقُ، لَمْ يَنْبُلْ عندَنا مَن نَبُلَ بِالْحَجِّ ولا بِالْجِهَادِ، وإِنَّما نَبُلَ عندَنا مَن نَبُلَ مَن كان يَعْقِلُ ما يَدْخُلُ جَوْفَهِ مِن حِلِّهِ . قال بلال بن سعد: ذِكْرُكَ حَسَناتِكَ ونِسْيَانُكَ سَيِّئَاتِكَ غِرَّةٌ. وقال سفيان الثوري : إِنَّما أَرْبَابُ الْعِلْمِ الذين هُمْ أَهْلُه الذينَ يعملون به ذُكِرَ رَجُلٌ عندَ الرَّبِيعِ بْنِ خَيْثَمٍ فقال: ما أنا عَن نَفْسِي بِرَاضٍ فَأَتَفَرَّغَ منها إلى آدَمِيٍّ غَيْرِهَا، إنَّ العبادَ خافُوا اللهَ على ذُنُوبِ غَيْرِهم وَأَمِنُوهُ على ذُنُوبِ أَنْفُسِهم ! قال بِشْرٌ الْحَافِي: إنْ لَمْ تَعْمَلْ بِالطَّاعَةِ فَلا تَعْصِ . قال ابْنُ سِيرِينَ: إِنِّي لأَعْرِفُ الذَّنْبَ الذِي حُمِلَ عَلَيَّ به الدَّيْنُ ما هو ؛ قُلْتُ لِرَجُلٍ مِن أَرْبَعِينَ سنةً يَا مُفْلِسُ!فَلَمَّا سَمِعَ أبو سليمانَ الدَّارَانِيُّ ذلكَ قال: قَلَّتْ ذُنُوبُهم فَعَرَفُوا مِن أَيْنَ يُؤْتَوْنَ ، وكَثُرَتْ ذُنُوبُنَا وذُنُوبُكَ فَلَيْسَ نَدْرِي مِن أينَ نُؤْتَى . قال سفيانُ الثوريُّ: رِضَا الناسِ غايَةٌ لا تُدْرَكُ، وطَلَبُ الدُّنيا غايةٌ لا تُدْرَكُ . قال بنانُ الْبَغْدَادِيُّ: الْحُرُّ عَبْدٌ ما طَمِعَ ، وَالْعَبْدُ حُرٌّ ما قَنَعَ . قال عبدُ اللهِ بنُ مَسْعُودٍ : ليسَ الْعِلْمُ بِالرِّوَايَةِ، ولكنَّ الْعِلْمَ بِالْخَشْيَةِ. قال أبو الدرداء: لا تُكَلِّفُوا الناسَ ما لَمْ يُكَلَّفُوا، ولا تُحَاسِبُوا النَّاسَ دُونَ رَبِّهِم، ابْنَ آدَمَ، عَلَيْكَ نَفْسَكَ، فإِنَّهُ مَنْ تَتَبَّعَ ما يَرَى في الناسِ يَطُولُ حُزْنُهُ ولا يَشْفِ غَيْظَهُ . قال أبو حَبِيبٍ الْبَدَوِيُّ لِسُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ: مَنْعُ اللهِ عَطاءٌ، وذلك أَنَّه لا يَمْنَعُ مِن بُخْلٍ ولا عُدْمٍ ، إِنَّما مَنْعُهُ نَظَرٌ وَاخْتِبَارٌ . قال مالكُ بنُ دِينَارٍ: رأيتُ مُسْلِمَ بْنَ يَسَارٍ في مَنامِي بعدَ مَوْتِه بِسَنَةٍ، فَسَلَّمْتُ عليه فَلَمْ يَرُدّ عَليَّ السَّلامَ، فقلتُ: لِمَ لا تَرُدّ عليَّ السَّلامَ؟ قال: أنا مَيِّتٌ فَكَيْفَ أَرُدُّ السَّلامَ، فقلتُ: ماذا لَقِيتَ يَوْم الْمَوْتِ ؟ قال: قد لَقِيتُ أَهْوَالاً وزَلاَزِلَ عِظَامًا شِدَادًا، قلتُ: وماذا كانَ بَعْدَ ذلكَ؟ قال: وما تُرَاهُ يكونُ مِنَ الْكَرِيمِ! قَبِلَ مِنَّا الْحَسَناتِ، وعَفا لنا عَنِ السَّيِّئَاتِ، وضَمِنَ عَنَّا التَّبِعَاتِ . عنْ أبي عَوَانَةَ قال: لو قِيلَ لِمَنْصُورِ بْنِ زَاذَانَ: إِنَّكَ مَيِّتٌ اليومَ أو غَدًا ، ما كان عندَه مِن مَزِيدٍ . وقال: رَحِمَ اللهُ رَجُلاً لَمْ يَغُرّهُ كَثْرَةُ ما يَرى مِن كَثْرَةِ الناسِ، ابْنَ آدَمَ، إِنَّكَ تَموتُ وَحْدَكَ، وتَدْخُلُ الْقَبْرَ وحدَك،وتُبعثُ وحدَك، وتُحاسَبُ وحدَك، ابْنَ آدَمَ، وأنتَ الْمَعْنِيُّ وإِيَّاكَ يُرَادُ. قال أبو حازمٍ : ابْنَ آدَمَ ، بَعْدَ الْمَوْتِ يَأْتِيكَ الْخَبَرُ . وقال: مَنْ نَظَرَ الأشياءِ بِعَيْنِ الْفَناءِ كانتْ رَاحَتُهُ في مُفَارَقَتِهَا ، ولَمْ يَأْخُذْ منها إِلاَّ لِوَقْتِه . وقال يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ: لا تَسْتَبْطِئِ الإِجَابَةَ وقَدْ سَدَدْتَ طُرُقَاتِهَا بِالذُّنُوبِ . قال يَحْيَى بْنُ أبي كَثِيرٍ : لا يَأْتِي الْعِلْمُ بِرَاحَةِ الْجَسَدِ قال جَعْفَرٌ الْخَلدِيُّ : الْفَرْقُ بينَ الرِّيَاءِ وَالإِخْلاَصِ أنَّ الْمُرَائِيَ يَعْمَلُ لِيُرَى وَالْمُخْلِصَ يعملُ لِيَصِلَ . عن بكرِ بْنِ عبدِاللهِ قال: إنَّ اللهَ لَيُجْرِعُ عَبْدَهُ المؤمنَ مِنَ الْمَرَارَةِ لِمَا يُرِيدُ به مِن صَلاحِ عاقِبَةِ أَمْرِهِ . قال بكرٌ : أَمَا رَأَيْتُمُ الْمَرْأَةَ تَسْقِي وَلَدَها الصَّبْرَ تُرِيدُ به عافِيَتَهُ ؟ قال غَسَّانُ بْنُ الْفَضْلِ: كان بِشْرٌ مِنَ الَّذِينَ إذا رُؤُوا ذُكِرَ اللهُ ، وإذا رأيتَ وَجْهَهُ ذَكَرْتَ الآخرةَ، رَجُلٌ مُنْبَسِطٌ ليس بِمُتَمَاوِتٍ. وقال سفيان بْن ُعُيَيْنَةَ: قالَتِ العلماءُ : الْمَدْحُ لا يَغُرُّ مَنْ عَرَفَ نَفْسَهُ . وقال: الْحِكْمَةُ تَنْزِلُ مِنَ السَّماءِ فَلا تَسْكُنُ قَلْبًا فيه أَرْبَعَةٌ : الرُّكُونُ إلى الدُّنيا، وهَمُّ غَدٍ، وحُبُّ الْفُضُولِ ، وحَسَدُ أَخٍ . قال حَبِيبٌ: لا تَقْعُدُوا فُرَّاغًا فإِنَّ الْمَوْتَ يَلِيكُمْ. قال الشافعي: السَّخَاءُ وَالْكَرَمُ يُغَطِّيَانِ عُيُوبَ الدُّنيا والآخِرَةِ، بَعْدَ أَلاَّ يَلْحَقَهُمَا بِدْعَةٌ . قال رِيَاحٌ: كَما لا تَنْظُرُ الأَبْصَارُ إلى شُعَاعِ الشَّمْسِ، كذلك لا تَنْظُرُ قُلُوبُ مُحِبِّي الدُّنيا إلى نُورِ الْحِكْمَةِ أَبدًا . كان بينَ خالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ وسَعْدٍ كَلامٌ ، فَذَهَبَ رجلٌ يَقَعُ في خالدٍ عندَ سَعْدٍ فقالَ سعدٌ : مَهٍ ، إنَّ ما بَيْنَنا لَمْ يَبْلُغْ دِينَنا ! قال أبو عِمْرَانَ الْجَوْنِيُّ: إنَّه لَيْسَ بينَ الْجَنَّةِ والنَّارِ طُرُقٌ ولا فَيَافِي ، ولا مَنْزِلٌ هُنَالِكَ لِأَحَدٍ؛ مَنْ أَخْطَأَتْهُ الْجَنَّةُ صارَ إلى النَّارِ . سُئِلَ ابْنُ عُمَرَ: هَلْ كانَ أَصْحَابُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يَضْحَكُونَ ؟ قال: نَعَمْ، والإيمانُ في قُلُوبِهم أَعْظَمُ مِنَ الْجِبَالِ . سُئِلَ ذُو النُّونِ: ما لنا لا نَقْوَى علَى النَّوافِلِ ؟ قال: لأَنَّكُم لا تُصِحُّونَ الْفَرائِضَ . قِيلَ لِحَاتِمٍ الأَصَمِّ: عَلامَ بَنَيْتَ عِلْمَكَ ؟ قال: علَى أَرْبَعٍ: علَى فَرْضٍ لا يُؤَدِّيهِ غَيْرِي فأَنا به مَشْغُولٌ، وعَلِمْتُ أنَّ رِزْقِي لا يُجَاوِزُنِي إلى غَيْرِي فَقَدْ وَثِقْتُ به، وعَلِمْتُ أَنِّي لا أَخْلُو مِن عَيْنِ اللهِ طَرْفَةَ عَيْنٍ فأَنا منه مُسْتَحٍ، وعَلِمْتُ أنَّ لي أَجَلاً يُبَادِرُنِي فَأُبَادِرُهُ. قال مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ : تَعَلَّمُوا الْعِلْمَ ؛ فإنَّ تَعَلُّمَهُ للهِ خَشْيَةٌ، وطَلَبَهُ عِبَادَةٌ، ومُذَاكَرَتَهُ تَسْبِيحٌ، وَالْبَحْثَ عنه جِهَادٌ ، وتَعْلِيمَهُ لِمَنْ لا يَعْلَمُه صَدَقَةٌ، وبَذْلَهُ لِأَهْلِهِ قُرْبَةٌ، لأَنَّهُ مَعالِمُ الْحَلالِ وَالْحَرَامِ، ومَنَارُ أَهْلِ الْجَنَّةِ، والأُنْسُ في الْوَحْشَةِ، وَالصَّاحِبُ في الْغُرْبَةِ ، وَالْمُحَدِّثُ في الْخَلْوَةِ، والدَّلِيلُ علَى السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ، وَالسِّلاَحُ على الأَعْدَاءِ، وَالدِّينُ عِنْدَ الأَجِلاَّءِ، يَرْفَعُ اللهُ به أَقْوَامًا ويَجْعَلُهم في الخيرِ قَادةً وأَئِمَّةً، تُقْتَبَسُ آثَارُهُمْ ، ويُقْتَدَى بِفِعَالِهم، ويُنْتَهَى إلى رَأْيِهِم، تَرْغَبُ الملائكةُ في خُلَّتِهم، وبِأَجْنِحَتِهَا تَمْسَحُهم، يَسْتَغْفِرُ لهم كلُّ رَطْبٍ ويابِسٍ، حَتَّى الْحِيتَانُ في الْبَحْرِ وهَوَامُّهُ ، وسِبَاعُ الطَّيْرِ وأَنْعَامُهُ، لأَنَّ الْعِلْمَ حَياةُ الْقُلُوبِ مِنَ الْجَهْلِ، ومِصْبَاحُ الأبصارِ مِنَ الظُّلَمِ ، يُبْلَغُ بِالْعِلْمِ مَنازِلَ الأَخْيَارِ، وَالدَّرَجَةَ الْعُلْيَا في الدُّنيا والآخرةِ، وَالتَّفَكُّرُ فيه يُعْدَلُ بِالصِّيَام ،ومُدَارَسُتُه بِالْقِيَامِ ، بهِ تُوصَلُ الأرحامُ، ويُعْرَفُ الحلالُ مِنَ الحرامِ ، إِمَامُ الْعُمَّالِ وَالْعَمَلُ تَابِعُهُ، يًُلْهَمُهُ السُّعَدَاءُ، ويُحْرَمُهُ الأَشْقِيَاءُ قال رجلٌ عندَ ابْنِ مَسْعُودٍ: ما أُحِبُّ أَنْ أَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ ، أَكُونُ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ أَحَبُّ إِلَيَّ ! فقالَ عبدُ اللهِ: لَكِنْ هُنَاكَ رَجَلٌ وَدَّ لو أَنَّه إذا مَاتَ لَمْ يُبْعَثْ؛ يَعْنِي نَفْسَهُ . قال أبو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ رَضِيَ الله عنه : لا خَيْرَ بِخَيْرٍ بَعْدَهُ النَّارُ، ولا شَرَّ بِشَرٍّ بَعْدَهُ الْجَنَّةُ . وقال شقيق البلخي : مَثَلُ الْمُؤْمِنِ كَمَثَلِ رَجُلٍ غَرَسَ نَخْلَةً وهو يخافُ أنْ يَحْمِلَ شَوْكًا، وَمَثَلُ الْمُنَافِقِ كَمَثَلِ رَجُلٍ زَرَعَ شَوْكًا وهو يَطْمَعُ أنْ يَحْصُدَ تَمْرًا، هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ ! كُلُّ مَنْ عَمِلَ حَسَنًا فإنَّ اللهَ لا يَجْزِيهِ إِلاَّ حَسَنًا، ولا تَنْزِلُ الأَبْرَارُ مَنازِلَ الْفُجَّارِ . كان عمرُ يقولُ: أَحْسِنْ بِصَاحِبِكَ الظَّنَّ حتى يَغْلِبَكَ، وإذا سَمِعْتَ كَلِمَةً مِن امْرِئٍ مُسْلِمٍٍ فلا تَحْمِلْهَا علَى شَيْءٍ مِنَ الشَّرِّ ما وَجَدْتَ لها مَحْمَلاً مِنَ الْخَيْرِ . وكَتَبَ عمرُ بنُ عبدِ العزيزِ إلى عمرَ بْنِ عُبَيْدِ اللهِ يُعَزِّيهِ علَى ابْنِهِ؛ أَمَّا بَعْدُ: فَإِنَّا قَوْمٌ مِن أَهْلِ الآخِرَةِ أُسْكِنَّا الدُّنيا، أَمْوَاتٌ أَبْنَاءُ أَمْوَاتٍ، وَالْعَجَبُ لِمَيِّتٍ يَكْتُبُ إلى مَيِّتٍ يُعَزِّيهِ عَنْ مَيِّتٍ. وَالسَّلامُ ! قال أحمدُ بنُ أبي الْحَوَارِيِّ: إذا حَدَّثَتْكَ نَفْسُكَ بِتَرْكِ الدُّنيا عندَ إِدْبَارِهَا فهو خُدْعَةٌ، وإذا حَدَّثَتْكَ نَفْسُكَ بِتَرْكِهَا عندَ إِقْبَالِهَا فَذَاكَ . قال الْفُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ: لَيْسَتِ الدَّارُ دَارَ إِقَامَةٍ، وإِنَّما أُهْبِطَ آدَمُ إليها عُقُوبَةً، أَلاَ تَرَى كيفَ يَزْوِيهَا عنه ، يُمَرِّرُ عليه بِالْجُوعِ مَرَّةً وبِالْعُرْيِ مَرَّةً وبِالْحَاجَةِ مَرَّةً ؟ كَما تَصْنَعُ الْوَالِدَةُ الشَّفِيقَةُ بِوَلَدِهَا، تَسْقِيهِ مَرَّةً حَضِيضًا ومَرَّةً صَبِرًا ، وإِنَّما تُرِيدُ بذلكَ ما هو خَيْرٌ له . قال الرَّبيعُ: لا يَغُرَّنَّكَ كَثْرَةُ ثَناءِ النَّاسِ مِن نَفْسِكَ فإِنَّهُ خالِصٌ إليكَ عَمَلُكَ . قال الْمُقَرَّبُونَ مِنَ الأَعْمَشِ: ظَلَّ الأَعْمَشُ قَرِيبًا مِنْ سَبْعِينَ سَنَةً لَمْ تَفُتْهُ التَّكْبِيرَةُ الأُولَى ولا الصَّفُّ الأَوَّلُ، وكانَ يَلْتَمِسُ الْحَائِطَ حَتَّى يَقُومَ في الصَّفِّ الأَوَّلِ . وكان وَكِيعٌ يَذْهَبُ إليه قَرِيبًا مِنْ سِتِّينَ سَنَةً فَما رآهُ يَقْضِي رَكْعَةً . وقال : إذا رَأَيْتَ رَبَّكَ يُتَابِعُ نِعَمَهُ عليكَ وأنتَ تَعْصِيهِ، فَاحْذَرْهُ . وقال سفيان بْنُعُيَيْنَةَ: مَنْ رَأَى أَنَّه خَيْرٌ مِن غَيْرِهِ فَقَدِ اسْتَكْْبَرَ، وذَاكَ أنَّ إِبْلِيسَ إِنَّما مَنَعَهُ مِنَ السُّجُودِ لآدَمَ عليه السَّلامُ اسْتِكْبَارُهُ . كان عمرُبن عبد العزيز يَخْطُبُ الناسَ فَيقُولُ: أَيُّهَا الناسُ، مَنْ أَلَمَّ بِذَنْبٍ فَلْيَسْتَغْفِرِ اللهَ وَلْيَتُبْ، فإنْ عادَ فَلْيَسْتَغْفِرْ وَلْيَتُبْ، فإنْ عادَ فَلْيَسْتَغْفِرْ ولْيَتُبْ، فَإِنَّما هي خَطايَا مُطَوَّقَةٌ في أَعْنَاقِ الرِّجَالِ، وإنَّ الْهَلاكَ كُلَّ الْهَلاكِ الإِصْرَارُ عليها . قال الشافعي: العلمُ مُرُوءَةُ مَن لا مُرُوءَةَ له صَعَدَ سفيانُ الثوريُّ يُؤَذِّنُ الْعَصْرَ وتَرَكَ نَعْلَيْهِ في الْمِحْرَابِ، فَلَمَّا صَعَدَ رَأَى ابْنَ عَمٍّ له قَدْ أَخَذَ نَعْلَيْهِ، فَلَمَّا صَلَّى أَرْسَلَ إليه بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ ! قال الْجُنَيْدُ بْنُ محمدٍ لِرَجُلٍ : لا تَيْأَسْ مِن نَفْسِكَ وأنتَ تُشْفِقُ مِن ذَنْبِكَ وتَنْدَمُ عليه بعدَ فِعْلِكَ . قال الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ : بابٌ واحدٌ أَتَعَلَّمُه مِنَ الْعِلْمِ أَحَبُّ إليَّ مِنَ الدنيا وما فيها . قال ثابتٌ: إنَّ أَهْلَ ذِكْرِ اللهِ لَيَجْلِسُونَ إلى ذِكْرِ اللهِ وإنَّ عليهِم مِنَ الآثامِ كَأَمْثَالِ الْجِبَالِ، وإِنَّهم لَيَقُومُونَ مِن ذِكْرِ اللهِ عُطْلاً ما عليهِم منها شَيْءٌ . عن أحمدَ بْنِ الْخَضِرِ قال: مَنْ أَحَبَّ أنْ يكونَ اللهُ مَعَهُ في جَمِيعِ الأحوالِ فَلْيَلْزَمِ الصِّدْقَ، فإنَّ اللهَ معَ الصَّادِقِينَ . قال رجلٌ لِأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ: عِظْنِي ولا تُكْثِرْ عَليَّ فَأَنْسَ ، فقال له: اِقْبَلِ الْحَقَّ مِمَّنْ جاءَكَ به وإنْ كانَ بَعِيدًا بَغِيضًا، وَارْدُدِ الباطلَ على مَن جاءَكَ به وإنْ كانَ حَبِيبًا قَرِيبًا . قِيلَ لِحَمْدُونَ بْنِ أحمدَ: ما بَالُ كَلامِ السَّلَفِ أَنْفَعُ مِن كَلامِنَا ؟ قال: لأَنَّهم تَكَلَّمُوا لِعِزِّ الإسلامِ ونَجاةِ النُّفُوسِ ورِضَاءِ الرحمنِ ، ونحنُ نَتَكَلَّمُ لِعِزِّ النَّفْسِ وطَلَبِ الدُّنيا وقَبُولِ الْخَلْقِ . وقال الشافعي : مَنْ وَعَظَ أخاهُ سِرًّا فَقَدْ نَصَحَهُ وزَانَهُ ، ومَنْ وَعَظَهُ عَلانِيَةً فَقَدْ فَضَحَهُ وخَانَهُ . عادَ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ سُفْيَانَ الثَّوْرِيَّ فقالَ سُفْيَانُ: يا أَبا سَلَمَةَ أَتَرَى يَغْفِرُ اللهُ لِمِثْلِي؟ فقالَ حَمَّادٌ: واللهِ لَوْ خُيِّرْتُ بينَ مُحَاسَبَةِ اللهِ إِيَّايَ وبينَ مُحَاسَبَةِ أَبَوَيَّ لَاخْتَرْتُ مُحاسَبةَ اللهِ تَعالَى على مُحَاسَبةِ أَبَوَيَّ، وذلكَ أنَّ اللهَ تَعالَى أَرْحَمُ بِي مِن أَبَوَيَّ . كانَ أبو الْجَوْزَاءِ يَقُولُ: لَوْ أنَّ أُنَاسًا مِن فُقَهَائِكموأَغْنِيَائِكُمُ انْطَلَقُوا إلى رجلٍ فَقِيهٍ غَنِيٍّ فَسَألُوهُ كُوزًا مِن ماءٍ أَكانَ يُعْطِيهِم ؟ قالوا : يا أَبا الْجَوْزَاءِ ومَن يَمْنَعُ كُوزًا مِن ماءٍ؟ قال أبو الجوزاءِ: وَاللهِ إِنَّ اللهَ أَجْوَدُ بِجَنَّتِه مِن ذلك الرَّجُلِ بذلكَ الْكُوزِ مِن ماءٍ. وقال : لِكُلِّ شَيْءٍ أَسَاسٌ، وأَساسُ الإسلامِ الْخُلُقُ الْحَسَنُ . قال حَمَّادٌ: رَأَيْتُ أَيُّوبَ لا يَنْصَرِفُ مِن سُوقِهِ إِلاَّ مَعَهُ شَيْءٌ يَحْمِلُهُ لِعِيَالِهِ، حَتَّى رَأَيْتُ قَارُورَةَ الدُّهْنِ بِيَدِهِ يَحْمِلُهَا ، فَقُلْتُ له في ذلكَ فقالَ: إِنِّي سَمِعْتُ الْحَسَنَ يقولُ: إنَّ المؤمنَ أَخَذَ عَنِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ أَدَبًا حَسَنًا ، فإذا أُوسِعَ عليه أَوْسَعَ، وإذا أُمْسِكَ عليه أَمْسَكَ. قال عليُّ بْنُ أبي طَالِبٍ : لا خَيْرَ في عِبَادَةٍ لا عِلْمَ فيها، ولا خَيْرَ في عِلْمٍ لا فَهْمَ فيه، ولا خَيْرَ في قراءةٍ لا تَدَبُّرَ فيها . قال أبو بكرِ بْنُ عَيَّاشٍ: قال لي رجلٌ مَرَّةً وأنا شَابٌّ : خَلِّصْ رَقَبَتَكَ ما استطعتَ في الدُّنيا مِنْ رِقِّ الآخرةِ، فإنَّ أَسِيرَ الآخرةِ غَيْرُ مَفْكُوكٍ أَبَدًا. قال أبو بكرٍ: فَما نَسِيتُهَا أَبَدًا . قال عُمَرُ بْنُ عبدِ الْعَزِيزِ لأَبِي حازِمٍ: عِظْنِي يا أبا حازِمٍ ، قال: اِضْطَجِعْ ثُمَّ اجْعَلِ الْمَوْتَ عندَ رَأْسِكَ، ثم انْظُرْ ما تُحِبُّ أنْ تَكُونَ فيه تلكَ السَّاعَةَ فَخُذْ فيه الآنَ، وما تَكْرَهُ أنْ تَكُونَ فيه تلكَ السَّاعةَ فَاتْرُكْهُ الآنَ . قال إسحاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ لِلْفُضَيْلِ: لَوْ حَدَّثْتَنِي بأحاديثَ فَوائِدَ ليستْ عِنْدِي ؟ فقال له الْفُضَيْلُ: إنَّك مَفْتُونٌ، أَمَا واللهِ لو عَمِلْتَ بما سَمِعْتَ ! سَمِعْتُ سُلَيْمَانَ بْنَ مِهْرَانَ يقول: إذا كانَ بينَ يَدَيْكَ طَعامٌ تَأْكُلُهُ، فَتَأْخُذُ اللُّقْمَةَفَتَرْمِي بِهَا خَلْفَ ظَهْرِكَ، كُلَّمَا أَخَذْتَ لُقْمَةً رَمَيْتَ بها خَلْفَ ظَهْرِكَ، مَتَى تَشْبَعُ ؟! وقال ابنُ أدهمَ: كُونُوا على حَياءٍ مِنَ اللهِ، فَوَاللهِ لقد سَتَرَ وأَمْهَلَ، وجَادَ فَأَحْسَنَ، حَتَّى كأَنَّه قَدْ غَفَرَ ، كَرَمًا منه لِخَلْقِهِ . عنْ حَيْلاَنَ بْنِ فَرْوَةَ أنَّ مُوسَى عليه السَّلامُ قال: إِلَهِي كيفَ أَشْكُرُكَ، وأَصْغَرُ نِعْمَةٍ وَضَعْتَها عِنْدِي مِن نِعَمِكَ لا يُجَازِي ِبَها عَمَلِي كُلُّه ؟ فَأَوْحَى اللهُ إليه: يا مُوسَى، الآنَ شَكَرْتَنِي ! كانَ أُوَيْسٌ الْقَرَنِيُّ إذا أَمْسَى يَقُولُ: هَذِهِ لَيْلَةُ الرُّكُوعِ فَيَرْكَعُ حَتَّى يُصْبِحَ ، وكان يقولُ إذا أَمْسَى: هذه لَيْلَةُ السُّجُودِ فَيَسْجُدُ حَتَّى يُصْبِحَ . وكان إذا أَمْسَى تَصَدَّقَ بِمَا في بَيْتِهِ مِنَ الْفَضْلِ مِنَ الطَّعامِ وَالثِّيَابِ ثم يقولُ : اللَّهُمَّ مَن ماتَ جُوعًا فَلا تُؤَاخِذْنِي به ، ومَن ماتَ عُرْيَانًا فَلا تُؤَاخِذْنِي به ! قال الشافعي: كُلُّ ما قُلْتُ وكان عَنِ النبيِّ صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ خِلاَفُ قَوْلِي مِمَّا يَصِحُّ، فَحَدِيثُ النَّبِيِّ صلَّى الله عليه وسلَّمَ أَوْلَى ولاَ تُقَلِّدُونِي قال عليُّ بْنُ أَبِي طالِبٍ : الْعَمَلُ الصَّالِحُ هو الذي لا تُحِبُّ أَنْ يَحْمَدَكَ عليه أَحَدٌ إِلاَّ اللهَ . وقال ابن مسعود : لاَ يُقَلِّدَنَّ أَحَدُكُمْ دِينَهُ رَجُلاً، فَإِنْ آمَنَ آمَنَ، وإِنْ كَفَرَ كَفَرَ، فإنْ كُنْتُمْ لاَبُدََّ مُقْتَدِينَ فَاقْتَدُوا بِالْمَيِّتِ، فإِنَّ الْحَيَّ لا تُؤْمَنُ عليه الْفِتْنَةُ. عنْ جابِرٍ قالَ: قال لي محمدُ بْنُ عَلِيٍّ الْبَاقِرُ : يا جابِرُ بَلَغَنِي أنَّ قَوْمًا بِالْعِرَاقِ يَزْعُمُونَ أَنَّهم يُحِبُّونَنَا وَيَنَالُونَ أبا بَكْرٍ وعُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا ، ويَزْعُمُونَ أَنِّي أَمَرْتُهُمْ بِذَلِكَ، فَأَبْلِغْهُمْ أَنِّي إلى اللهِ مِنْهُمْ بَرِيءٌ. وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَوْ وُلِّيتُ لَتَقَرَّبْتُ إلى اللهِ تَعالَى بِدِمَائِهِم ، لا نَالَتْنِي شَفاعَةُ محمدٍإِنْ لَمْ أَكُنْ أَسْتَغْفِرُ لهما وأَتَرَحَّمُ عَليهِمَا ، إنَّ أَعْدَاءَ اللهِ لَغَافِلُونَ عنهما ، ومَنْ لَمْ يَعْرِفْ فَضْلَ أبي بَكْرٍ وعُمَرَ رَضِيَ الله عنهما فَقَدْ جَهِلَ السُّنَّةَ . قال رجلٌ لِبِشْرِ بْنِ مَنْصُورٍ: عِظْنِي، قال: عَسْكَرُ الْمَوْتَى يَنْتَظِرُونَكَ! قال محمدُ بْنُ إِدْرِيسَ الشَّافِعِيُّ لأحمدَ بْنِ حَنْبَلَ : يا أبا عَبْدِ اللهِ أَنْتَ أَعْلَمُ بِالأَخْبَارِ الصِّحَاحِ مِنَّا، فإذا صَحَّ عندَكُمُ الْحَدِيثُ عن رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسَلَّمَ فَأَخْبِرُونَا به حَتَّى نَرْجِعَ إليه . وقال بِلالٌ بن سعد: لا تَكُنْ وَلِيًّا للهِ في الْعَلانِيَةِ وعَدُوَّهُ في السِّرِّ. وقالسفيان بْنُعُيَيْنَةَ: كان يُقَالُ: أنْ يَكُونَ لكَ عَدُوٌّ صالِحٌ خَيْرٌ مِن أنْ يكونَ لكَ صَدِيقٌ فاسِدٌ ؛ لأَنَّ الْعَدُوَّ الصَّالِحَ يَحْجِزُهُ إِيمَانُهُ أنْ يُؤْذِيَكَ أو يَنَالَكَ بِمَا تَكْرَهُ، وَالصَّدِيقُ الْفَاسِدُ لا يُبَالِي ما نالَ مِنْكَ . نَظَرَ يَحْيَى يَوْمًا إلى إنسانٍ وهُوَ يُقَبِّلُ وَلَدًا له صَغِيرًا ، فقالَ : أَتُحِبُّهُ ؟ قال: نَعَمْ، قال : هَذا حُبُّكَ له إِذْ وَلَدْتَهُ، فَكَيْفَ بِحُبِّ اللهِ له إِذْ خَلَقَهُ ؟ قال ذَرٌّ لأبيهِ عُمَرَ بْنِ ذَرٍّ: ما بالُ الْمُتَكَلِّمِينَ يَتكلَّمونَ فلا يَبْكِي أَحَدٌ، فإذا تَكلمتَ يا أَبَتِ سَمِعْتُ الْبُكاَء َمِن هاهنا وهاهنا ؟ فقال: يا بُنَيَّ، لَيْسَتِ النَّائِحَةُ الْمُسْتَأْجَرَةُ كَالنَّائِحَةِ الثَّكْلَى . مَرَّ أبو حازِمٍ بِأَبِي جَعْفَرٍ الْمَدِينِيِّ وهو مُكْتَئِبٌ حَزِينٌ، فقال: مالي أَراكَ مُكْتَئِبًا حَزِينًا، وإِنْ شِئْتَ أَخْبَرْتُكَ ! قال: أَخْبِرْنِي ما وَرَاءَكَ ، قال: ذَكَرْتَ وَلَدَكَ مِنْ بَعْدِكَ، قال: نَعَمْ ، قال: فَلا تَفْعَلْ ، فَإِنْ كانوا للهِ أَوْلِيَاءَ فَلا تَخَفْ عَلَيْهِمُ الضَّيْعَةَ ، وإِنْ كانوا للهِ أَعْدَاءً فَلا تُبَالِ ما لَقُوا بَعْدَكَ . قال حيلان بن فروة : إذا فُتِحَ لِأَحَدِكم بابُ خَيْرٍ فَلْيُسْرِعْ إليه فإِنَّهُ لا يَدْرِي مَتَى يُغْلَقُ عنه . وقال بِلالٌ بن سعد : إذا رأيتَ الرجلَ لَجُوجًا مُمَارِيًا مُعْجَبًا بِرَأْيِه فقدْ تَمَّتْ خَسَارَتُه. قال ذُو النُّونِ: ما طابَتِ الدُّنيا إِلاَّ بِذِكْرِهِ، ولا طابَتِ الآخرةُ إِلاَّ بِعَفْوِهِ، ولا طابتِ الْجِنَانُ إلاَّ بِرُؤْيَتِه . قال أبو حازم: مَنْ عَرَفَ الدُّنيا لَمْ يَفْرَحْ فيها بِرَخَاءٍ ولَمْ يَحْزَنْ علَى بَلْوَى . وقال: لا تَزَالُ كَرِيمًا علَى النَّاسِ مالَمْ تَعاطَ ما في أَيدِيهِم ، فإذا فَعَلْتَ ذلكَ اسْتَخَفُّوا بِكَ وكَرِهُوا حَدِيثَكَ وأَبْغَضُوكَ . تَسَفَّهَ رجلٌ على حَمْدُونَ، فَسَكَتَ حَمْدُونُ وقالَ : يا أَخِي لَوْ نَقَصْتَنِي كُلَّ نَقْصٍ لَمْ تُنْقِصْنِي كَنَقْْصِي عِنْدِي ، ثُمَّ قالَ : تَسَفَّهَ رجلٌ على إِسْحَاقَ الْحَنْظَلِيِّ فَاحْتَمَلَهُ وقال: لِأَيِّ شيءٍ تَعَلَّمْنَا الْعِلْمَ ؟! قيل لِسعيدِ بنِ جُبَيْرٍ: مَن أَعْبَدُ الناسِ ؟ قال: رجلٌ اجْتَرَحَ مِنَ الذُّنوبِ فَكُلَّما ذَكَرَ ذُنُوبَهُ احْتَقَرَ عَمَلَهُ . وقال سفيان الثوري : الزُّهْدُ في الدنيا قِصَرُ الأَمَلِ، ليس بِأَكْلِ الْغَلِيظِ ولا لُبْسُ الْخَشِنِ . سَأَلَ رَجُلٌ أبا سُلَيْمَانَ عن أَقْرَبِ ما يَتَقَرَّبُ به الْعَبْدُ إلى اللهِ عَزَّ وجَلَّ ، فَبَكَى أبو سُلَيْمَانَ وقال: أَفْضَلُ ما يَتَقَرَّبُ به الْعَبْدُ إلى اللهِ أَنْ يَطَّلِعَ علَى قَلْبِكَ وأَنْتَ لا تُرِيدُ مِنَ الدُّنيا والآخِرَةِ غَيْرَهُ . قال أبو حازِمٍ سَلَمَةُ بْنُ دِينَارٍ: كُلُّ نِعْمَةٍ لا تُقَرِّبُ مِنَ اللهِ عزَّ وجلَّ فَهِيَ بَلِيَّةٌ. كانَ سعيدُ بْنُ عبدِ العزيزِ إذا فَاتَتْهُ الصلاةُ في الجماعةِ يَأْخُذُ بِلِحْيَتِهِ ويَبْكِي . قال الشافعيُّ: اللَّبِيبُ الْعاقِلُ هُوَ الْفَطِنُ الْمُتَغَافِلُ . قال بِشْرٌ الْحَافِي: لا يَنْبَغِي أَنْ يَأْمُرَ بِالْمَعْرُوفِ ويَنْهَى عَنِ الْمُنْكَرِ إِلاَّ مَنْ يَصْبِرُ علَى الأَذَى . وقال علي رَضِيَ اللهُ عنه: أَلاَ إِنَّ الْفَقِيهَ كُلَّ الْفِقْهِ الَّذِي لا يُقَنِّطُ الناسَ مِن رَحْمَةِ اللهِ، ولا يُؤَمِّنُهم مِن عذابِ اللهِ، ولا يُرَخِّصُ لهم في مَعاصِي اللهِ، ولا يَدَعُ القرآنَ رَغْبَةً عنه إلى غَيْرِهِ. وقال مكحولٌ: رَأَيْتُ رَجُلاً يُصَلِّي وكُلَّمَا رَكَعَ أو سَجَدَ بَكَى، فَاتَّهَمْتُهُ أَنَّه يُرَائِي بِبُكَائِهِ، فَحُرِمْتُ الْبُكَاءَ سَنَةً . وقال: الْمُؤْمِنُ أَحْسَنُ النَّاسِ عَمَلاً وأَشَدُّ الناسِ خَوْفًا، لو أَنْفَقَ جَبَلاًمِن مَالٍ ما أَمِنَ دُونَ أنْ يُعايِِنَ ، لا يَزْدَادُ صَلاحًا وبِرًّا وعِبادَةً إِلاَّ ازْدَادَ خَوْفًا ، يَقُولُ: لا أَنْجُو ، وَالْمُنَافِقُ يقولُ: سَوَادُ النَّاسِ كَثِيرٌ وسَيُغْفَرُ لي ولا بَأْسَ علَيَّ ، فَيُنْسِئُ الْعَملَ ويَتَمَنَّى علَى اللهِ تَعالَى . دَخَلَ علَى أبي بَكْرٍ الْوَرَّاقِ رجلٌ فقال: إِنِّي أَخافُ مِن فُلاَنٍ ، فقال : لا تَخَفْ منه ، فَإِنَّ قَلْبَ مَن تَخافُهُ بِيَدِ مَنْ تَرْجُوهُ . قالَ إبراهيمُ بْنُ الْجُنَيْدِ: إنَّ الدُّنيا لا تَسُرُّ بِقَدْرِ ما تَضُرُّ ، إنَّها تَسُرُّ قليلا وتُحْزِنُ حُزْنًا طَوِيلاً . وقالَ بشر الحافي : اُكْتُمْ حَسَناتِكَ كَما تَكْتُمُ سَيِّئَاتِكَ . قال الْفُضَيْلُ: رَأَيْتُ أَبِي في الْمَنَامِ فَقُلْتُ: يا أَبَتِ ما صَنَعَ اللهُ بِكَ ؟ قال: لَمْ أَرَ لِلْعَبْدِ خَيْرًا مِن رَبِّهِ . سَارَ إبراهيمُ بْنُ أَدْهَمَ مع بَعْضِ إخوانِه يُرِيدُونَ الإسكندريةَ، فَنَزَلُوا على نَهْرِ الأُرْدُنّ يَسْتَرِيحُونَ، فَقَرَّبَ واحدٌ منهم كُسَيْرَاتٍ يابِسَاتٍ ، فأَكَلُوهَا وحَمِدُوا اللهَ تَعالَى، وقامَ أَحَدُهم لِيَسْقِيَ إبراهيمَ فَسَارَعَهُ إبراهيمُ فَدَخَلَ النَّهْرَ حَتَّى بَلَغَ الماءُ رُكْبَتَيْهِ ، ثُمَّ شَرِبَ وقال: الْحَمْدُ للهِ، ثُمَّ خَرَجَ فَمَدَّ رِجْلَيْهِ وقال: لَوْ عَلِمَ الْمُلُوكُ وأَبْنَاءُ الْمُلُوكِ ما نَحْنُ فيه مِنَ السُّرُورِ وَالنَّعِيمِ إذًا لَجَالَدُونَا بِأَسْيَافِهِم علَى ما نحن فيه مِنْ لَذَّةِ الْعَيْشِ وقِلَّةِ التَّعَبِ . وقال ذو النون : مَن تَزَيَّنَ بِعَمَلِهِ كانتْ حَسناتُه سَيِّئَاتٍ .
 
  الانتاج العلمى - أبحاث  
القلقلة في القرآن الكريم ، دراسة صوتية
القلقلة في القرآن الكريم، دراسة صوتية. منشور بمجلة كلية اللغات بجامعة المدينة العالمية بماليزيا (مجلة اللسان الدولية للدراسات الأدبية واللغوية)، المجلد العدد 9، 1441هـ/2020م
ملفات ملحقة

لا يوجد تعليقات على هذا الموضوع
جميع الحقوق الأدبية والمادية محفوظة لمالك الموقع